رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت.. تحركات شعبية ومطالبات بتحقيق العدالة

نشر
الأمصار

يحي اللبنانيون اليوم الذكرى الثانية لإنفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، عبر تحركات شعبية في محيط موقع الانفجار اعتراضاً على توقف التحقيق وضياع العدالة.

ودعا أهالي ضحايا الانفجار مرفأ بيروت، خلال مؤتمر صحفي،  إلى "التحرّك اليوم لاستذكار جريمة العصر والمطالبة بالعدالة، بالإضافة للمطالبة بعدم هدم صوامع مرفأ بيروت لتبقى شاهدة على ما حدث".

وتمنى الأهالي مشاركة واسعة من جميع أطياف المجتمع اللبناني استذكارا واستنكارا لهذه الجريمة.

وطالب الأهالي بتحقيق العدالة رغم كل الظلم والتسييس ودماء الضحايا، مؤكدين أنها أغلى من مناصب المسؤولين والإهراءات، لان دماء الضحايا ستبقى الشاهد على هذه الجريمة.

“و ستبدأ تحركات الاهالي عند الساعة الثالثة من ظهر الخميس في ساحة الشهداء بوسط بيروت، يقابلها مسيرة للأهالي في الأحياء المتضررّة جراء الانفجار، بالإضافة إلى مسيرة تنطلق من أمام فوج إطفاء بيروت لأهالي ضحايا الفوج (10 ضحايا)، وستلتقي هذه المسيرات عند مدخل مرفأ بيروت عند الساعة الرابعة والنصف بالتوقيت المحلي".

 

حداد رسمي 

وفي صباح اليوم أمرت الرئاسة اللبنانية، بتنكيس ‏العلم الوطني في قصر بعبدا (الرئاسي)، حداداً على ضحايا انفجار مرفأ بيروت في ذكرى مرور عامين على الحادث.

وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، التزامه بإحقاق العدالة المستندة إلى حقيقة كاملة، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في جريمة انفجار مرفأ بيروت.

من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، إن ميزان العدالة في لبنان لن يستقيم دون معاقبة المسئولين عن انفجار مرفأ بيروت.

وغرّدت قيادة الجيش عبر "تويتر"، قائلةً: "في الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت الكارثي"، قائلة: "عزاؤنا لأهالي العسكريين والمدنيين، وتحية إكبار للذين طيبوا جراحهم وعادوا إلى الحياة، منهم نستلهم العزيمةَ للاستمرار، والأملَ في أن تستعيد عاصمتنا قريبًا بريقها ومكانتها".

 

مطالبات بكشف الحقيقة 

قال رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري "إن انفجار 4 أغسطس/آب، جرح عميق في قلب بيروت لن يلتئم إلا بسقوط إهراءات التعطيل والاستقواء على الدولة والقانون وتصدّع صوامع الاهتراء السياسي والاقتصادي وعروش الكراهية والتعصب الطائفي".

 وأضاف الحريري: "العدالة لبيروت وأهلها وتخليد ذكرى الضحايا فوق كل اعتبار.. لن ننسى".

وطالب البطريرك الماروني بـ«التعويض للمتضرّرين بانفجار المرفأ»، معقبًا: «الإيمان بقيامة بيروت ومعها لبنان، فيعود بلدنا منارة الشرق وجامعة الشرق ومستشفى الشرق ومصرف الشرق ووطن التلاقي والحوار بين الحضارات والأديان».

وأضاف خلال ترؤسه قداساً لراحة نفس ضحايا انفجار المرفأ: «نرفع صوت الغضب بوجه كلّ المسؤولين أيًّا كانوا وأينما كانوا ومهما كانوا، أولئك الذين يعرقلون التحقيق، كأنّ ما جرى مجرّد حادث تافه وعابر لا يستحقّ التوقف عنده ويمكن معالجته بالهروب أو بتسوية أو مقايضة كما يفعلون عادةً في السياسة، نسأل المسؤولين في الدولة ماذا يريدون أكثر من هذه الجريمة لكي يتحرّكوا؟ وماذا يريد القضاء أكثر من هذا لكي ينتفض لكرامته ويستعيد دوره ويعود قبلة المظلومين؟».

سير التحقيقات

وقع انفجار مرفأ بيروت نتيجة تفجر مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم بعد اشتعالها بسبب حريق في المستودع الذي كانت مُخزنة فيه.

كانت المواد الكيمياوية متجهة في الأصل إلى موزامبيق على متن سفينة مستأجرة من روسيا وبقيت في المرفأ منذ عام 2013 عندما تم تفريغ حمولتها خلال توقف غير مخطط له لتحميل شحنة إضافية.

ولم تغادر السفينة المرفأ مطلقا، وعلِقت في نزاع قانوني حول رسوم للميناء لم يتم دفعها بالإضافة إلى وجود عيوب فيها.

وأودى انفجار المرفأ إلى مقتل 213 شخصا، وجرح وإعاقة ما لا يقل عن 6 آلاف مواطن لبناني من مختلف الطوائف، إضافة إلى بعض الأجانب.

كما تسبب بانهيار وتصدع ما لا يقل عن 70 ألف وحدة سكنية في محيط مرفأ بيروت، فضلا عن الخسائر المادية التي لا تعوض في حرم المرفأ وإيراداته المالية التي ترفد خزينة البلاد بمئات المليارات اللبنانية، وحجم الدمار الذي لحق به وبصوامع القمح التي لم تعد صالحة للاستعمال، ويمكن أن تتداعى في أي لحظة ليعاد بناؤها من جديد.

ومع هذا الدمار الهائل قام وزير العدل بتعيين القاضي فادي صوان كبيرا للمحققين بعد فترة وجيزة من الانفجار. 

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021 اتهم صوان ثلاثة وزراء سابقين ودياب بالإهمال، لكنه واجه بعد ذلك مقاومة سياسية قوية.

وأبعدته المحكمة عن القضية في فبراير/ شباط 2021 بعد أن اشتكى وزيران سابقان، هما علي حسن خليل وغازي زعيتر، من أنه تجاوز صلاحياته.

وخلفه القاضي طارق البيطار، وسعى إلى استجواب شخصيات بارزة من بينها زعيتر وخليل، وكلاهما عضوان في حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري وحليفان لحزب الله المدعوم من إيران. 

كما سعى لاستجواب اللواء عباس إبراهيم المدير العام جهاز الأمن العام. ونفى الجميع ارتكاب أي مخالفات.

ولكن واجه البيطار مقاومة من جميع المسؤولين الحاليين والسابقين الذين سعى إلى استجوابهم، بحجة أنهم يتمتعون بالحصانة أو أنه يفتقر إلى سلطة مقاضاتهم.

وامتد الصراع في ساحات المحاكم وفي الحياة السياسية والشوارع، وأغرق المشتبه بهم المحاكم العام الماضي بأكثر من 20 قضية تسعى لإبعاد البيطار بدعوى تحيزه وارتكابه "أخطاء جسيمة"، مما أدى إلى توقف التحقيق عدة مرات.

وقال الوزراء السابقون إن أي قضايا ضدهم يجب أن تنظرها محكمة خاصة بالرؤساء والوزراء. 

ولم تحاسب تلك المحكمة أي مسؤول قط، وستنقل قيادة التحقيق إلى الأحزاب الحاكمة في البرلمان.

وأصبح التحقيق معطلا بشكل شبه كامل منذ أوائل 2022 بسبب تقاعد قضاة محكمة يتعين أن تفصل في العديد من الشكاوى بحق البيطار قبل أن يتمكن من الاستمرار في تأدية عمله.

وأوقف وزير المالية، المدعوم من بري، التوقيع على مرسوم بتعيين قضاة جدد، مشيرا إلى مخاوف بشأن التوازن الطائفي.

حملة شرسة ضد البيطار 

لم يلاحق البيطار أيا من أعضاء جماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران، ومع هذا شن حزب الله حملة شرسة عليه العام الماضي بعد أن سعى لاستجواب حلفاء له.

وبعث مسؤول كبير في حزب الله برسالة إلى البيطار يحذر فيها من أن الجماعة "ستقتلعه"، وتحولت مظاهرة مناهضة للبيطار دعا إليها حزب الله وحلفاؤه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى أعمال عنف دامية.

واتهم حزب الله الولايات المتحدة، التي تصنف الجماعة على أنها منظمة إرهابية، بالتدخل في التحقيق، وهو ما نفاه السفير الأمريكي.

ونفى حزب الله الاتهامات التي وجهت إليه وقت الانفجار بأنه كان يخزن أسلحة في المرفأ وقال إنه لا علاقة له بالانفجار. ولطالما اتهم خصوم حزب الله الجماعة بالسيطرة على المرفأ، وهو ما تنفيه أيضا.

وبرر "حزب الله" تعطيله للتحقيقات، مكرراً هجومه على التحقيق، مستندا إلى مزاعم "التسييس" التي اتخذها منذ أشهر كذريعة لتوقيفه، بعد أن شعر بإمكانية وصوله إلى خيوط يمكن أن تدينه بشكل صريح.

 ولمح في بيانه إلى "إمكانية استعمال القوة في حال الاستمرار بالتحقيق الحالي"، مطالبًا بـ "تحقيق وفق معاييره وحده".