رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

جولة الرئيس الفرنسي الإفريقية.. هل تنجح في إعادة هيبة باريس بالقارة؟

نشر
الأمصار

تأتي جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقارة الأفريقية، بعد تلقي باريس ضربات موجعة في إفريقيا بعد انسحاب قواتها العسكرية “برخت ” من مالي وزيادة النفوذ الفرنسي بأفريقيا الوسطى، وتظاهرات ضدها في تشاد، مع تراع كبير في التفوذ الاقتصادي لصالح روسيا والصين.

 

الاستراتيجية الفرنسية الجديدة

تأتي الاستراتيجية الفرنسية الجديدة من عدة محاور لكنها تقوم على التنمية من خلال مساعدات سريعة لقطاعات مختلفة أبرزها الكهرباء، وكذلك التعليم، غير أن أبرزها يتمثل في تشجيع ثقافة الحكم الرشيد.

وتكثف باريس من مساعيها للحد من الانقلابات العسكرية في القارة السمراء، كتلك التي وقعت في مالي وتشاد وبوركينا فاسو، وجميعها مستعمرات فرنسية سابقة.

 

وتأتي جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأفريقية في إطار سعيه لإعادة إحياء علاقة فرنسا مع القارة السمراء في حقبة ما بعد الاستعمار.

وتعتبر رحلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأولى خارج أوروبا في ولايته الجديدة يجب أن تسمح له "بإظهار التزام الرئيس في عملية تجديد العلاقة مع القارة الإفريقية"، بحسب ما ذكرت فرانس برس.

الكاميرون

 

ومن المقرر أن يجري ماكرون محادثات  مع نظيره الكاميروني بول بيا (89 عاما)، الذي يحكم الكاميرون بقبضة حديدية منذ نحو 4 عقود.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان الأمن في الكاميرون، التي تشهد عنفا عرقيا وتمردا لانفصاليين يقاتلون منذ عام 2017 من أجل استقلال مقاطعتين ناطقتين باللغة الإنجليزية.

وكان ماكرون قد أثار استياء الرئيس الكاميروني عام 2020 بعد إعلانه أنه سيمارس "ضغوطا قصوى" عليه بسبب أعمال العنف التي "لا تحتمل" في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، وفقا للوكالة الفرنسية.

 

 

وتأتي زيارة ماكرون في وقت تراجع فيه نفوذ فرنسا أمام الصين والهند وألمانيا، وتحديدا في القطاعين الاقتصادي والتجاري.

ومن المنتظر أن يلتقي الرئيس الفرنسي، على جانب الرئيس الكاميروني، بممثلي الشباب والمجتمع المدني، ثم ينهي يومه بزيارة إلى "قرية نواه" التي يستضيفه فيها بطل التنس السابق يانيك نواه صاحب مبادرة تطوير مراكز ترفيهية في مناطق شعبية من ياوندي.

 

 

وقالت الوكالة الفرنسية إن ماكرون لابد له الاحتفاظ ببعض النفوذ في القارة، وتحديدا الكاميرون وأكبر دليل على تراجع دور فرنسا في الكاميرون، هو أن الشركات الفرنسية، التي يبلغ عددها حوالي 200 شركة، تمثل الآن حوالي 10٪ فقط من اقتصاد الكاميرون مقارنة بـ 40٪ في التسعينيات.

وأكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  في ياوندي عاصمة الكاميرون، أن بلاده لن تتخلّى عن أمن القارة الإفريقية، مُكررًا رغبته في إعادة ابتكار الجهاز العسكري والأمني الفرنسي، لاسيما في منطقة الساحل.

وقال ماكرون خلال خطاب ألقاه أمام الجالية الفرنسية في ياوندي: «ستبقى فرنسا ملتزمة بحزم بأمن القارّة، من أجل دعم شركائنا الإفريقيين وبناءً على طلبهم».

 

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء خلال زيارته بنين ثاني محطات جولته الأفريقية التي قادته إلى الكاميرون وسيختمها بزيارة غينيا بيساو، إن روسيا هي "واحدة من آخر قوى الاستعمار الإمبريالية" بسبب شنها "الحرب للاستيلاء على أراضي" أوكرانيا. كما اتهم ماكرون موسكو بشن نوع جديد من "الحرب العالمية الهجينة" وأيضا باستخدام "الإعلام والطاقة والغذاء أدوات عسكرية في خدمة حرب إمبريالية ضد أوكرانيا".

 

بنين


 

000_32FK2X7.jpg

 

التقي ماكرون الأربعاء رئيس بنين باتريس تالون في العاصمة كوتونو، ويتطرق الطرفان إلى الأوضاع الإقليمية والأمنية والحرب في أوكرانيا، وكذلك مبادرة الأمن الغذائي فارم، التي أطلقتها فرنسا في مارس (آذار) الماضي بالتعاون مع مجموعة السبع، وتعميق العلاقات الثنائية، إضافة إلى الشق الثقافي.

وأعلن الإليزيه مواصلة تعميق العلاقات الثنائية مع بنين، خصوصاً على الصعيد الثقافي، والدينامية الإيجابية التي نتجت من إعادة الأعمال التراثية إلى بنين، والتعاون في مجال التراث، كذلك على صعيد البيئة حيث تنشط بنين في مجال محاربة الصيد المخالف للقوانين.

وعلى صعيد الغذاء ستكون الزيارة مناسبة للتباحث في الدينامية التي نتجت من برنامج فارم لمساعدة الدول الأكثر تأثراً بالأزمة الغذائية.

اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء من بنين، روسيا بأنها "واحدة من آخر قوى الاستعمار الإمبريالية" بعد شنها "الحرب للاستيلاء على أراضي" أوكرانيا.

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره البنيني باتريس تالون في كوتونو، صرح ماكرون: "شنت روسيا هجوما على أوكرانيا، إنها حرب للاستيلاء على الأراضي اعتقدنا أن أوروبا تخلصت منها، إنها حرب من بداية القرن العشرين وحتى القرن التاسع عشر. أنا أتحدث من قارة (أفريقيا) عانت من الاستعمار". وقال: "روسيا هي واحدة من آخر قوى الاستعمار الإمبريالية" بقرارها "غزو دولة مجاورة للدفاع عن مصالحها فيها".

غينيا الإستوائية

رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانج نجويما مباسوجو

 

تأتي زيارة ماكرون  إلى غينيا الإستوائية بعد توترات في العلاقات بين الجانبين، حيث دعا رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانج نجويما مباسوجو، اتحاد دول أفريقيا الوسطى إلى دراسة إجراء تغييرات على عملته المدعومة من فرنسا بعد أن وافقت 8 دول في غرب أفريقيا الأسبوع الماضي على إدخال إصلاحات على اتفاقها القديم مع فرنسا.

وذكر الرئيس تيودورو أوبيانج، متحدثا في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا، أن الاتفاقية الحالية بين المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا وفرنسا بشأن فرنك الاتحاد المالي الأفريقي أصبحت "عتيقة"، حسبما ذكرت وكالة أنباء بلومبرج.

وأضاف أوبيانج للصحفيين في أبيدجان، العاصمة التجارية لكوت ديفوار، السبت: "نحن اليوم قادرون على إدارة عملتنا الخاصة دون تدخل فرنسا".

علن الجيش الفرنسي مساء الجمعة نبأ إفراج سلطات غينيا الاستوائية عن ستة جنود من قواته احتجزتهم الأربعاء حين توقفوا لتزويد مروحيتهم بالوقود. وقال المتحدث باسم رئاسة أركان الجيوش الفرنسية إن الجنود الستة غادروا إلى ليبرفيل، عاصمة الغابون المجاورة. واحتجزت غينيا الاستوائية الجنود الفرنسيين بدعوى أنهم "لم يحصلوا على ترخيص أو إذن بالتحليق في المجال الجوي لغينيا الاستوائية ولا بالهبوط في مطار باتا".

  كما أعلن المتحدّث باسم رئاسة أركان الجيوش الفرنسية الكولونيل باسكال ياني العام الماضي  أن سلطات غينيا الاستوائية أفرجت عن جنوده الستة الذين احتجزتهم الأربعاء في مطار باتا، العاصمة الاقتصادية لهذا البلد، حيث توقفوا لتزويد مروحيتهم بالوقود.

ديون ضخمة

الكاميرون التي كانت أول محطة في جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأفريقية، ورغم أن اقتصادها مصنف ضمن الاقتصاديات الأفريقية الصاعدة، إلا أنه يملك واحدة من أكبر الديون في أفريقيا.

وبحسب تقرير للبنك العالمي لعام 2020، فقد وصل إجمالي الدين الخارجي للكاميرون 13 مليار و836 مليون دولار أمريكي، وهذا في الوقت الذي أزاحت فيه الصين فرنسا من قائمة شركاء دوالا في الاستيراد بنحو 19 % للصين و10.3 % لفرنسا.

أما غينيا بيساو البلد الصغير المطل على المحيط الأطلسي، فقد قدر البنك العالمي في تقريره لعام 2020 حجم الدين الخارجي له بنحو 805 مليون دولار، وهو رقم يبدو ضعيفاً لكنه – وفق الخبراء الاقتصاديين – "ضخم" في بلد يعيش نحو 62 % من سكانه بأقل من دولارين يومياً وفق تقارير سابقة للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي.

وجمهورية بنين ثالث محطات جولة ماكرون الأفريقية، فلا تتوفر معطيات من الهيئات العالمية والمحلية عن حجم دينها الخارجي، لكنه بلد يعيش على المساعدات المالية، كان آخرها من صندوق النقد الدولي الذي منح مساعدة مالية بقيمة 650 مليون دولار.

في المقابل، تحتل فرنسا المركز فرنسا المركز الثالث عالمياً من حيث إجمالي الدين الخارجي، إذ فاقت 7 تريليون دولار نهاية 2020، وفق أرقام قدمها موقع "ceidata" المختص في الشؤون المالية العالمية.