رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

قمة مدريد.. وهواجس من زيادة الولايات المتحدة تواجدها العسكري في أوروبا

نشر
قمة حلف شمال الأطلسي
قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في إسبانيا

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في الـ24 من فبراير الماضي، تزايدت هواجس ومخاوف الغرب من امتداد الحرب إليها، وعملت على رفع مستوى استعدادها العسكري.

وبحسب أراء مراقبون وخبراء عسكريون بأن موسكو بتدخلها عسكريا في أوكرانيا لوقف التمدد الأطلسي نحو تخومها، تكاد تكون قدمت العالم الأوروبي على طبق من ذهب لواشنطن، التي تعمل وفقهم على استثمار تصاعد الخوف الأوروبي من الدب الروسي، لتعزيز نفوذها مجددا في ضفة الأطلسي الشرقية في أوروبا وإعادة الاعتبار له.

قبل الأزمة الأوكرانية كان عدد القوات الأمريكية هناك يتراوح بين 63 إلى 67 ألف جندي أمريكي، موزعين في العديد من دول القارة الأوروبية" بحسب ما ذكره الخبير الاستراتيجي في معهد ستيمسون الأمريكي للأبحاث عامر السبايلة.

وقد زاد العدد إلى 100 ألف وهو مرشح للارتفاع خاصة في دول شرق أوروبا كبولندا ورومانيا وغيرهما، اللتان ستكونان نقطتي تمركز محوريتين لواشنطن عسكريا في أوروبا خلال المرحلة القادمة، بالغضافة إلى تحديث وتنويع الترسانات والأسلحة التكنولوجية لا سيما الجوية منها، في القواعد الأمريكية التقليدية في كل من ألمانيا وإيطاليا على وجه الخصوص.

ويمكن القول إن الولايات المتحدة نجحت في أطلسة أوروبا، الأمر الذي يرتب عليها جملة مسؤوليات وأدوارا مهمة، بمعنى الشروع في تعزيز الحضور الأميركي العسكري في القارة، بما يضمن استمرار عملية توسيع دائرة حلف شمال الأطلسي واستقطابه المزيد من الدول الأوروبية، على حد تعبير السبايلة.

وفي السياق ذاته، أشار الرئيس الأميركي جو بايدن عن زيادة الوجود العسكري لواشنطن في أوروبا، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، وذلك على هامش قمة الحلف المنعقدة في مدريد، والتي تسعى لتعزيز جناح الحلف الشرقي في أوروبا ردا على العملية الروسية في أوكرانيا.

وأكد بايدن أنه سيتم تعزيز الوجود العسكري والإمكانات العسكرية الأمريكية في إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.

 

قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في إسبانيا

انطلقت، اليوم الأربعاء، أعمال قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في العاصمة الإسبانية مدريد، وتستمر حتى غد الـ30 من يونيو، وتأتي القمة بمشاركة أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة، على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث تستضيف العاصمة الإسبانية 5 آلاف ضيف.

ويصبح رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، بمناسبة تواجده فى مدريد للمشاركة فى قمة الناتو، عاشر رئيس أمريكى يزور إسبانيا، بالإضافة إلى ذلك تم التأكيد على أن رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، سيتحدث في مؤتمر عبر الفيديو فى الجلسة الأولى للقمة.

وتحظى القمة بمشاركة واسعة من زعماء الحلف، إضافة إلى مشاركة رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، في سابقة لرئيس حكومة ياباني وكذلك الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول، في خطوة غير مسبوقة أيضا.

 

استعدادات إسبانيا لاستقبال القمة

تأتي القمة التي يستضيفها مركز مؤتمرات مدريد "IFEMA" بالتزامن مع احتفالات إسبانيا بالذكرى الأربعين لانضمامها إلى التحالف العسكري.

قامت إسبانيا بنشر أجهزة الشرطة فى البلاد، وعززت الإجراءات الأمنية، ونشرت 10 آلاف عنصر شرطة فى كل مناطق العاصمة، وفى المطارات ومحطات القطار، وقاعة المؤتمرات والساحات العامة.


وتتزامن القمة مع الذكرى الـ40 على انضمام إسبانيا للحلف وكانت آخر قمة استضافتها عام 1997، وشهدت قرارات تاريخية حيث تقرر آنذاك توسعة العضوية لتضم بلدان الشرق الأوروبي التي كانت ضمن حلف وارسو.


الهدف من انعقاد القمة

قال رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز إن قمة حلف الناتو تهدف إلى إظهار جبهة موحدة للحلفاء فى الدفاع عن القيم الديمقراطية، وتعزيز الوجود العسكرى للحلف على جبهته الشرقية، بالإضافة إلى تنمية مطالب إسبانيا بعدم تجاهل التهديدات الناشئة على الحافة الجنوبية للحلف.


تتناول قمة الناتو 6 ملفات بارزة:

تناقش قمة الناتو "سبل تصدير الحبوب من أوكرانيا وفتح الطرق البحرية"، و"إنهاء أزمة انضمام فنلندا والسويد للناتو"، و"الإرهاب في أفريقيا"، و"رفع القوات القتالية في أوروبا الشرقية".

ويوجد 3 بنود رئيسية في القمة وهي تأكيد وحدة الحلف وأزمة أوكرانيا عبر تأكيد الدعم والحزم الجديدة من المساعدات وكذلك إنهاء أزمة انضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو عبر إزالة مخاوف تركيا وتوسيع العلاقات معها خاصة بعد ما أبدته في أزمة أوكرانيا.

بالإضافة إلى الأجندة الرئيسية للحلف والتي تشمل زيادة الإنفاق الدفاعي المشترك وسبل تقوية الحلف خاصة في ظل الخلافات الداخلية والعاصفة التي مر بها خلال حقبة دونالد ترامب والتصدي للنفوذ العسكري لروسيا والصين، وكذلك وضع المزيد من القوات في حالة تأهب للدفاع عن دول البلطيق.

وتتطرق القمة إلى تنامي مخاطر الإرهاب في إفريقيا وتصاعد نفوذ تنظيم داعش الإرهابي وخاصة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

ومن المؤكد، أن القمة لن تمر دون التطرق إلى أثر حرب أوكراني والواقع الأمني الجديد في أوروبا على نهج الناتو في الردع والدفاع، وكذلك المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف الذي سيشكل إطارا لنشاطه ويحدد شروط عملياته في المستقبل.

وقد تبدو دعوة كل من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا تعكس رسالة أخرى إلى الصين حتى لا تفكر في تكرار سيناريو أوكرانيا في غزو تايوان.

 

الدول التى تحضر القمة

يحضر القمة 44 وفدا دوليا سيحضرون، 41 منهم برئاسة رؤساء دول وحكومات، وسيرافقهم وزيرا الدفاع والخارجية، كما جرت العادة في هذه القمم.

وهم 30 دولة عضو في حلف شمال الأطلسي ، والبوسنة والهرسك، والأردن، وموريتانيا، واليابان، وأستراليا، وكوريا الجنوبية، وأوكرانيا، بالإضافة إلى القادة الأوروبيين، تشارلز ميشيل وأورسولا فون دير لاين، ودول الاتحاد الأوروبي غير الأعضاء، والسويد وفنلندا والنمسا ومالطا وقبرص وايرلندا.

ويحضر أيضًا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بين أعضاء الوفود والصحفيين، وقدّر الباريس إجمالي الحضور في الحدث بحوالي 5000 شخص، وللمرة الأولى يتم عقد "عشاء أوروبي - أطلسي" يتم خلاله تنظيم الاجتماع.

كما أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أنه سيحضر قمة حلف شمال الأطلسي، في سابقة لرئيس حكومة ياباني، فطوكيو ليست عضوا في الناتو ودستورها سلمي، لكنها حليف وثيق للولايات المتحدة ودولة عضو بمجموعة السبع، وتشارك في العقوبات الدولية المفروضة على موسكو، وقد سلّمت معدّات غير هجومية لأوكرانيا.

وأضاف أن مشاركته في قمة الناتو ستكون "سابقة لرئيس حكومة ياباني"، مشيرا إلى أنه يعتزم تسليط الضوء في هذه المناسبة على الروابط بين المخاوف الأمنية في أوروبا وآسيا، حيث تثير الطموحات الجيوسياسية للصين، حليفة روسيا، قلق طوكيو بشكل خاص.

وتشارك في قمة مدريد كل من السويد وفنلندا، اللتين تتطلعان إلى الانضمام للناتو لكنّ المسألة معرقلة حالياً بسبب رفض تركيا، إضافة إلى الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول، في خطوة غير مسبوقة أيضاً بالنسبة لسيؤول.

أهم ما تناولته قمة حلف شمال الأطلسي اليوم
 

اتفق قادة حلف شمال الأطلسي، الأربعاء، على دعوة فنلندا والسويد رسميا للانضمام إلى الحلف، بعدما أبرمت تركيا اتفاقا مع الدولتين الاسكندنافيتين لرفع اعتراضها على عضويتيهما.

وقال بيان صادر عن قمة التحالف التي عقد في العاصمة الإسبانية مدريد: "قررنا دعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ووافقنا على توقيع بروتوكولات الانضمام".

وكشف البيان أنه تم "ضم فنلندا والسويد سيجعل (الحلفاء) أكثر أمنا، وسيزيد من قوة حلف شمال الأطلسي وسيزيد من أمن منطقة أوروبا والأطلسي" مضيفا أن الحلف وافق أيضا على مفهوم استراتيجي جديد".

ووصف البيان روسيا بأنها "التهديد الأكبر وأكثر تهديد مباشر لأمن الحلفاء" في انعكاس لتدهور حاد في العلاقات مع موسكو منذ بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

كما تعهد الحلف بتقديم مزيد من المساعدات لأوكرانيا ووافق على حزمة دعم تهدف لتحديث قطاع الدفاع لديها، وفي الوقت نفسه، قرر الحلف تعزيز الردع والدفاع فيه بشكل كبير.

ووصف الحلف في البيان الصين بأنها تشكل تحديا لمصالحه وأمنه وقيمه وقال إنها دولة تسعى لتقويض النظام الدولي المبني على قواعد.

ودفعت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، السويد وفنلندا، إلى التخلي عن وضع عدم الانحياز طويل الأمد، والتقدم بطلب للانضمام إلى الناتو.

لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عرقل هذه الخطوة، وأصر على أن يغير البلدان الاسكندنافيان موقفيهما من الجماعات الكردية المتمردة التي تعتبرها تركيا إرهابية…