رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد استقالة نواب التيار الصدري.. ما مصير المشهد السياسي العراقي؟

نشر
الأمصار

أصاب المشهد حالة من الغموض العملية السياسية في العراق، بعد استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان، في قرار مفاجئ، اتخذه الصدر، في وقت بدأ "الإطار التنسيقي" إجراء مباحثات داخلية لمتابعة تداعيات تلك الخطوة.

أسباب الاستقالة

رئيس البرلمان يوقع استقالات نواب الكتلة الصدرية من مجلس النواب

 


 

ووجّه الصدر، الأحد، بتقديم استقالة نواب التيار الصدري إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بعد فشل تشكيل "حكومة أغلبية" رغم مرور 8 أشهر من الانتخابات النيابية، معتبرًا أنها "تضحية من أجل الوطن".

وقال الصدر، في بيان كتب بخط اليد، إن "على رئيس الكتلة الصدرية، حسن العذاري، أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية إلى رئيس مجلس النواب"، مقدمًا الشكر "لما قدموه في هذه الفترة القصيرة"، كما قدم الشكر "لحلفائنا في تحالف إنقاذ الوطن لما أبدوه من وطنية وثبات، وهم الآن في حل مني".

وتعني استقالة نواب التيار الصدري، انتهاء تحالف "إنقاذ الوطن" الذي تشكل بتحالف الصدر مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

تفسير الحلبوسي

بينما أكد محمد الحلبوسي رئيس البرلمان أن حل مجلس النواب (البرلمان) وإعادة الانتخابات ليس مطروحاً حتى الآن، بعد استقالة نواب التيار الصدري الذين يمثلون 73 مقعداً، مؤكداّ أن التفاهمات ستأخذ مساراً آخر في تشكيل الحكومة،

أضاف الحلبوسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس مجلس النواب الأردني عبد الكريم الدغمي، في عمّان: «هناك تأثير سياسي لاستقالة الكتلة الصدرية ووجودها مهم، لكنها ارتأت أن تكون أول المضحين في خيارات تشكيل الحكومة ومغادرة مجلس النواب».

 وذكر الحلبوسي أنه تواصل مع رئيس التيار والزعيم الديني العراقي مقتدى الصدر قائلاً: «هو يؤمن بالأغلبية أو المعارضة ولذلك كان اختياره إما أغلبية تشكيل الحكومة أو الذهاب للمعارضة وذهب للاختيار الثاني.

انسحاب مرشح الصدر لرئاسة الحكومة


أعلن جعفر الصدر، مرشح زعيم التيار الصدري لمنصب رئيس الوزراء في العراق، الإثنين، انسحابه من السباق في أعقاب موافقة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي على استقالة نواب التيار الصدري  من البرلمان.

غلق مؤسسات التيار الصدري

وجه زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر، بغلق المؤسسات التابعة للتيار الصدري.
وقال المكتب الخاص للسيد الصدر في بيان، إنه "حسب توجيهات مقتدى الصدر فقد تقرر غلق جميع المؤسسات التابعة للتيار الصدري في المرحلة الحالية باستثناء المؤسسات المدرجة أدناه:

1. مؤسسة المرقد الشريف بكل مفاصلها الإدارية.
2. مكتب السيد الشهيد قدس سره/ النجف الأشرف.
3. المكتب الخاص.
4. هيئة تراث السيد الشهيد قدس سره.
5. براني السيد الشهيد (المتحف).
6. مشروع البنيان المرصوص".
وأضاف، "على المؤسسات الست المذكورة أعلاه الاستمرار بعملها حسب السياقات الإدارية المعمول بها سابقاً".

تباينت آراء المحللين العراقيين حول استقالة نواب التيار الصدري  وتداعياتها على العملية السياسية، وفيما إذا كانت ستصب في صالح استقرار الوضع السياسي أم إنها ستعمّق الأزمات التي يعيشها العراق، خاصة أن قرارات الصدر غير ثابتة، وهو ما يضفي مزيدًا من القلق الشعبي والسياسي.

وخلال الأشهر الماضية، سعت قوى "الإطار التنسيقي" إلى تشكيل حكومة توافقية، بمشاركة الصدر، حيث تخشى تلك القوى من سيناريو ذهاب الصدر، نحو المعارضة السياسية، لما يعنيه ذلك من خطر على الحكومة المقبلة وإمكانية إسقاطها في فترة وجيزة.

المعارضة الشعبية

لكن الصدر ذهب إلى خيار أبعد من المعارضة السياسية، وهو "المعارضة الشعبية"، إذ سيلجأ إلى الشارع لتحقيق مراده، بعد استقالة نواب التيار الصدري وهو ما سيشكّل على الدوام قلقًا لدى القوى السياسية التي ستشكل الحكومة المقبلة، في ظل تجربة عام 2016، عندما اقتحم أنصار الصدر المنطقة الخضراء ومبنى مجلس النواب، قبل أن يطلب منهم الصدر الانسحاب سريعًا.

وتأتي خطوة التيار بالتحول إلى معسكر المعارضة الشعبية، وبرصيد جماهيري هائل، ستؤخذ بنظر الاعتبار من قبل تحالف الإطار الذي لن يمضي بتشكيل الحكومة مطلقًا، تحسبًا لردة فعل الشارع العنيفة، وتحسبًا للموقف الدولي وطبيعة تعامله مع الحكومة التي تخلى عنها أكبر الفائزين، وهو ما بدأه عبر استقالة نواب التيار الصدري.

ويعد الصدر في الشارع أقوى من البرلمان والحكومة، وهذه المرة ستكون أحزاب تشرين معهم، لكن ذلك قد يفجر احتجاجات واسعة، وستكون أعنف وأوسع، وربما ستُنهي فوضى العملية السياسية، أملًا في صناعة عملية سياسية عراقية دون إملاءات خارجية"

رفع رصيد القوى الأخرى

ورفعت تلك الاستقالة، رصيد الكتل السياسية الأخرى، من النواب، بسبب قانون الانتخابات الذي ينص على أن المرشح الأعلى أصواتًا سيكون محل النائب المستقيل في نفس الدائرة، وهو ما سيرفع نواب عدة تحالفات إلى أرقام أعلى، مثل ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، الذي سيحصل على نحو 10 مقاعد، بينما سيحصل تحالف الفتح بزعامة هادي العامري على نحو 15 مقعدًا، إضافة إلى النواب المستقلين، وهو ما سيغير توازن القوى بشكل تام.

حل البرلمان

ويعد السؤال الكبير اليوم، هو هل أن نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني سيستقيلون أيضًا؟ وكذلك نواب تحالف السيادة، وبالتالي عبر تلك الاستقالات سيتم الإعلان عن حل مجلس النواب، أو هل سيذهب السيادة والديمقراطي، بتقديم مشروع قرار بحل البرلمان، والذهاب نحو انتخابات مبكرة أخرى

وينص الدستور العراقي على آلية حل البرلمان، وهي أن المجلس يُحل بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بخيارين؛ الأول بناء على طلب ثلث أعضائه، والآخر طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

«لايمكن تشكيل حكومة من دون التيار الصدري».. هذه العبارة تكررت كثيراً بعد استقالة 73 نائباً تابعا للكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، ومن بينهم النائب الأول للبرلمان حاكم الزاملي، فيما أكدت مصادر كردية أن مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، سيطرح مبادرة تتضمن الإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي، والتهيئة لانتخابات جديدة العام المقبل.
والاستقالات، التي جاءت بأمر من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قُدّمت للبرلمان قبيل دخوله في عطلة تشريعية وأمدها شهر كامل.

المبادرة تتضمن الإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي، والتهيئة لانتخابات جديدة العام المقبل، مع توجيه رسالة للصدر بالمشاركة في الحكومة الحالية بعد تغيير وزرائها.


من جانبه، أكد القيادي في «تحالف السيادة» حسن الجبوري أن اجتماعاً قريباً سيعقد في إربيل مع بارزاني لبحث تداعيات انسحاب التيار الصدري من البرلمان وتحديد الخطوات المقبلة، ويعد التيار الصدري» أحد الأعمدة الرئيسة في المشهد السياسي العراقي ولا يمكن أن يكتمل من دونه.

الإطار التنسيقي ومحاولة تشكيل الكتلة الأكبر

في ردود الفعل، كان لافتًا ترحيب "الإطار التنسيقي" باستقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان، حيث أكّد القيادي في الإطار علي الفتلاوي لوسائل إعلام عراقية أنّ الإطار سيعمل مع النواب المستقلين على ترشيح شخصية لترؤس الحكومة، لأنّه سيصبح الكتلة الأكبر في البرلمان.

يعتبر عضو ائتلاف دولة القانون عادل المانع أنّ خطوة استقالة نواب التيار الصدري "تبدو راسخة"، مشيرًا إلى "تفاؤل" عبّر عنه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بإمكان أن تؤدي إلى إنهاء حالة الانسداد السياسي.

ويشير المانع  إلى أنّ الإطار التنسيقي "لم يكن موافقًا ولا راغبًا ولا دافعًا إلى هذا الموقف السياسي من التيار الصدري بقدر ما أنه يحترم إرادة التيار الصدري وموقفه"، على حدّ وصفه.

ويلفت إلى أنّ الاستبدال بالنيابة سيرفع رصيد الإطار التنسيقي إلى 127 نائبًا، كما يرفع رصيد من تحالف معهم، فضلاً عن المستقلين الذين يدورون في فلكه، بما يمنحه في الإجمالي 188 نائبًا. ويضيف: "إذا ما أخذنا تصريحات الحلبوسي الذي أبدى عدم ممانعته في التحالف مع الكتلة الكبرى الجديدة نتحدث عندها عن 256 نائبًا بمعنى أن تشكيل الحكومة سيصبح سهلاً".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ "هذا السيناريو الأقرب إذا ما اجتمعت الكتل السياسية لتدعو مجلس النواب إلى جلسة طارئة وتغضّ النظر عن العطلة التشريعية"، معتبرًا أنّ العائق أمام تطبيق هذا السيناريو قد يكون حصول أي متغير في الشارع.

خيار الشارع

ويشرح أنّ التيار الصدري سيدخل إلى الشارع مع من تحالف معهم من قوى تشرين، مستغربًا كيف أنّ القوى السياسية التقليدية في العراق لم تأخذ بعين الاعتبار حجم الدمار والخراب الذي وصل إليه العراق ولم تستفد من تجربة 2019 حين خرج ملايين العراقيين الناقمين على النظام السياسي.

وحول عملية تشكيل الحكومة، من دون «التيار الصدري»  أن لا حكومة من دون التيار الصدري، لأنه تيار جماهيري ممتد في كل المدن والمحافظات العراقية، محذراً من أن الجلسة الأولى لمجلس النواب بعد العطلة التشريعية من دون النواب الصدريين يمكن أن تتحول لشرارة انتفاضة تمتد إلى الشارع العراقي.