رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

علي الطواب يكتب: إعادة ضبط المصنع ضرورة مجتمعية ملحة

نشر
الأمصار

مما لا شك فيه أن المجتمع المصري تغير كثيرًا خلال الثلاثين عامًا الأخيرة تغيرًا للأسف الشديد إلى الأسوأ وطفت على السطح المجتمعي مفاهيم جديدة خاطئة وليس لها معنى أو قيمة وتكرس لنظام اجتماعي فاشل مملوء بحب النفس والأنانية.

وحتى أكون محددًا وراصدًا للواقع الأليم الذي نعيشه اذكر لكم واقعتين حدثتا في صيف وشتاء عام 1988 حيث كنت طفلًا في عامة التاسع وفي مرحلة ابتدائية بمدرسة الزعيم جمال عبد الناصر الابتدائية المشتركة أو كما كانت تسمي المؤسسة من التأسيس وبالمناسبة لم تشهد معاكسة واحدة من الفصل الأول إلى الخامس الابتدائي.

كنت ألعب بكرة الراكت وفجأة اقتحمت الكرة مطبخ مطل على الشارع وسقطت الكرة الصغيرة في حلة صلصة تخيل معي كم رد الفعل في زمننا هذا ربما كانت تسيل الدماء إلا أن رد الفعل من جارتنا أو خالتي أو طنط بمفاهيم الزمن المختلفة أنها قامت بغسل الكرة وقالت لي خدها والعب تاني، لا عنف لا عتاب لا قسوة ولا إهانة كرست بداخلي مفهوما اجتماعيا جميلا وهو التسامح الأخلاقي الراقي.

 

الموقف الآخر حينما كانت تسقط مياه المطر بقسوة وكثافة كانت تتعطل الحياة بلا مبالغة ولكن سرعان ما كان الأهالي والجيران يقفون وقفة رجل واحد لتاهيل الشارع وإعادته للخدمة مرة أخرى.

هنا عدالة اجتماعية الغني والفقير يقف الشاب والرجل يقف لا تعليق ولا تهاون والكل حاضر ومن يغيب لظرف طارئ فورا تلتمس له الأعذار.. ما أحلاها حياة آمنة مطمئنة.

ووقتها كان جيلي يشعر بثقافة اللمة الحلوة والعلاجات الأسرية الممتدة.

وأشهد الله أن تلك الذكريات الجميلة لا تزال عالقة في ذهني وقلبي ومن حين لآخر أرويها لأولادي حتى أنهم طلبوا مني أن يزروا المكان هذا الذي تربيت فيه علهم يشموا من خلاله رائحة الزمن الجميل.

يوما ما تلقيت دعوة كريمة لحفل اجتماعي وعقب انتهاء الحفل سمعت سيدة تنادي على فتوجهت إليها لثوان معدودة لم أعرفها.

وسرعان ما تذكرتها.. إزيك يا خالتي عاملة إيه ورحت أسأل عن أولادها فردا فردا وأتذكر معها اسم الدلع لكل واحدة من أبنائها الذين أصبحوا أمهات ومعهن أطفال. 

 

الله على الزمن الجميل 

تاهت المعالم واختلطت الأمور وتصور البعض خطأ أنه يعيش منفرداً، لا يا سيدي انت مخطأ يا من تتصور هذا ثق تماماً أن الدين القويم اي دين به السماحة والرقي والاعتدال هذه فطرة سليمة غير ملوثة فطر الله الناس عليه، ولك أن تجرب أن تعيش_ وانصح نفسي معك _ أسبوعا بتلك الأخلاق المنسية من الزمن الجميل.

كن متعاونا خدوما لا تنتظر مقابلا أعمل لله ثم لهذا المجتمع الذي انت مدين له جرب أن تمنح نفسك فرصة أن تكون إنسانا سويا طيبا يفعل الخير فقط جرب أن تكون متعاونا بصدق وإخلاص.

أول شيء يخاطب قلبك أنك ستجد نفسك مرتاح البال هادئ الطباع الضغوط النفسية والعصبية لم تعد مصاحبة لك وكما أحب أن  أصفها أغلق المحرك وأجعله ساكناً فترة ما.

صدقني ستجد وقتا ممتعا أن تعيد مرة أخرى بكامل إرادتك وليس بقوة الدفع المركزي لضغوط الحياة أن تعيد ضبط المصنع وهي لغة مستخدمة في هواتفنا النقالة مصطلح هندسي معلوماتي يفيد بإعادة التشغيل للهاتف ...حتي تتمكن الرقائق الإلكترونية بداخله أن تعيد قراءة نفسها ومن حولها مرة أخرى على اعتبار أنها دوائر الكترونية يصل بعضها بعضاً...فمن بالنا بالهاتف الذي نحميه ونصونه ونضع داخل غلاف أنيق ونحميه من كل الصدمات أليست قلوبنا وعقولنا وأعصابنا وأجسادنا بحاجة ماسة ومصلحة لهذا الضبط التصنيعي.

وأعتقد _ والاعتقاد هنا أبلغ من الظن _ أن الأديان السماوية رسخت هذا لكننا ننسي ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قالها من أربعة عشر قرنا من الزمان إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

 

الخالق يا سادة هو المسيطر هو العقل المدبر 

فمن منا بالله عليك أثناء إعادة التفكير في أمر ما يحكم خلقه ودينه وتربيته وأصله هنا تكون الإجابة الحتمية أنها كما قال الشاعر  ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج.

يا سادة ضبط إيقاع الحياة والمجتمع لا بد أن يأتي من الفرد ثم الأسرة ثم البيئة ثم المجتمع صدقوني لست داعية أو مصلح اجتماعي أو حتى أعيش في المدينة الفاضلة كنت أتمنى أن أكون ربع أو ثلث هذا لكن القاعدة والحكمة تقول الحاجة أم الاختراع .

كل ما أرجوه أن يبدأ كل منا طريقه وحياته على أسس أخلاقية إنسانية ويقينية وأقسم بالله ستكون النتيجة النهائية الحتمية أنك من الناجحين المتفوقين إنسانيا ومجتمعيا والأجمل أنك سترى بنفسك وتتأكد كم أنت محبوب وكم أنت شخص محترم.

أعمل ما عليك أمام الله أولا في السر تقول فعلت ما عليا أمام الله، وهنا أتذكر من عشرين عاما كان معي بعض المهملات فلم أجد مكانا أضع فيه تلك الأمور فكان البديل أم أرميها على الأرض أو انتظر الوصول لأقرب مكان وكان الأخير هو اختياري وطلبت مسؤولاً حكوميا رفيع المستوى وحكيت له ما حدث، فوجئت في اليوم التالي أنه قدم حل عمليا للمشكلة فشكرته فقال لي الشكر لك أنت لأنك علمتني كانت حالة مدوية سلوك بسيط يقدم حلا راقيا وسريعا طبعا ليس الجميع علي ذات القدر ولكن بادر وأفعل ذلك.

يا سادة وفي الختام أقول أن كثيرا من مشكلاتنا حلها يكمن في سرعة اتخاذ القرار وتطبيقه ومتابعته ولكن قبلها اعترف انني من الخطائين وخيرهم دوما التوابون.

هي دعوة مجتمعية وأخلاقية وإنسانية أن ننتشل أنفسنا من ذلك العبث الخطير كي ينجو أولادنا ومجتمعنا وبلدنا وفي النهاية الأهم والأفضل والأحسن أننا جميعا فائزون.

وكما تعلمت أقول دوما الإعلام أمانة ورسالة ورؤية قبل أن يكون وظيفة نؤثر بها ونغير للأفضل وسوف نحاسب عليها أمام الله اولا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم...حمى الله مصر وشعبها وبلادنا العربية من كل سوء.