رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

طالبان تقمع النساء في أفغانستان.. وتفرض قيودًا جديدة

نشر
الأمصار

واجهت حركة طالبان مجموعة من المتظاهرات السيدات في العاصمة الأفغانية، الخميس، بإطلاق النار في الجو وحطموا بعض الهواتف الشخصية للمتظاهرات بعد وقت قصير من بدء مسيرة سلمية للنساء.

كما نظمت المسيرة من قبل جمعية الوحدة والتضامن النسائي الأفغاني في العاصمة كابول للاحتجاج على إبعاد المرأة عن الأنشطة السياسية والاجتماعية، وحرمان الأفغانيات من التعليم وحذفهن من البنية الاجتماعية.

وكانت قد نفذت حركة طالبان تحذيراتها من عدم ظهور أي امرأة بلا نقاب على الشاشات في أفغانستان، واجبرت المذيعات الأحد الماضي على ارتداء النقاب على الشاشات. 

فقد ظهرت كافة المذيعات في أبرز القنوات التلفزيونيّة الأفغانية، مغطيات الوجه، يرتدين النقاب، بعد أن تحدين قرار الحركة المتشددة، وظهرن بوجوه مكشوفة.

الحجاب وتغطية الوجه 

في 7 مايو/أيار 2022 أمرت حركة طالبان النساء الأفغانيات بتغطية وجوههن في الأماكن العامة عبر ارتداء البرقع، وفرض عقوبات على من لا يلتزمن بالقرار تشمل الحبس والإحالة إلى القضاء، والفصل بالنسبة للموظفات الحكوميات.

جاء القرار في مرسوم صادر من زعيم الحركة هبة الله آخوند زاده، بالقول: "ينبغي عليهن وضع التشادري (تسمية أخرى للبرقع) تماشياً مع التقاليد".

وأضاف المرسوم أن النساء المتوسطات العمر "ينبغي أن يغطينَ وجوههنّ باستثناء العينين بما تنص عليه أحكام الشريعة عندما يلتقين رجالاً من غير المحرمين"، وتابع أنه "يفضل أن تلازم النساء المنزل" إذا لم يكن لديهن عمل مهم في الخارج.

ويعد المرسوم أيضاً العقوبات التي يواجهها أرباب العائلات الذين لا يفرضون على نساء أسرهم ارتداء الحجاب مع تغطية الوجه، وسيُكتفى بتوجيه إنذار عن أول مخالفتين، لكن من يرتكبن مخالفة للمرة الثالثة سيعاقبن بالحبس ثلاثة أيام، ومن يرتكبنها للمرة الرابعة ستتم إحالتهن على القضاء، أما الموظفات في الدوائر الحكومية فسيتم تسريحهن فوراً إن لم يرتدين الحجاب الشرعي مع غطاء الوجه.

قيود مشددة 

وانتقدت نشاطات نسويات هذه القرارات بشدة وقررت مواصلة الاحتجاج على هذة القيود التي كانت قد تعهدت حركة طالبان بعدم فرضها واحترام الحريات.

ومنذ عودة طالبان إلى الحكم في منتصف آب/أغسطس الماضي، نشرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توصيات عدة بشأن طريقة لباس النساء، لكن هذا أول مرسوم بهذا الشأن يصدر على المستوى الوطني.

وكانت الحركة فرضت على النساء وضع الحجاب الذي يغطي الرأس لكن يترك الوجه ظاهرا، لكنها كانت توصي بشدة بارتداء البرقع الذي سبق أن فرضته خلال فترة حكمها الأولى بين 1996 و2001.

وخلال هذه الفترة، حرمت الحركة المتشددة النساء من كافة حقوقهنّ، بموجب تفسيرها المتشدد للشرعية الإسلامية، وكان موظفون في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجلدون كل امرأة يجدونها لا ترتدي البرقع.

 

وعود كاذبة 

بعد عودتها إلى الحكم إثر حرب استمرّت 20 عاماً مع الولايات المتحدة وحلفائها الذين سبق أن طردوها من السلطة عام 2001، وعدت طالبان بأن تكون أكثر ليونة هذه المرة. إلا أنها نكثت بوعودها سريعاً، فانتهكت مرة جديدة الحقوق تدريجياً وقضت على الحريات التي اكتسبتها النساء خلال العشرين سنة الماضية.

وباتت النساء مستبعدات إلى حدّ بعيد عن الوظائف العامة ومُنعنَ من السفر إلى الخارج أو لمسافة بعيدة داخل البلاد ما لم يكنّ بصحبة محرم.

 وفي آذار/مارس، أثارت طالبان غضباً دولياً بإغلاقها كل المدارس الثانوية المخصصة للفتيات بعد ساعات من السماح بإعادة فتحها للمرة الأولى منذ استيلائها على السلطة.

وفرضت الحركة أيضاً الفصل بين النساء والرجال في الحدائق العامة في كابول، مع تحديد أيام الزيارة المسموح بها لكلّ من الجنسين.

ومن شأن القرار المنشور السبت أن يعقّد بشكل أكبر مساعي طالبان لانتزاع اعتراف دولي بشرعية حكمهم، علماً بأن المجتمع الدولي يربط الأمر بشكل مباشر باحترام حقوق النساء.

 وقال المحلل الباكستاني امتياز غول في تصريحات إعلامية: "إنها خطوة غير متوقعة إلى الوراء، لن تساعد طالبان على انتزاع اعتراف دولي بشرعية حكمها. لن تؤدي خطوات كهذه إلا إلى تقوية المعارضين لها".

تحذيرات أممية 

وحذّر مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت خلال زيارة إلى البلاد من أن القيود المفروضة من حكومة طالبان على النساء تهدف لـ"تغييبهن" في المجتمع.

وفرضت طالبان منذ عادت إلى السلطة العام الماضي قيودا قاسية على النساء والفتيات تتوافق مع تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.

وحظرت المراهقات من المدارس الثانوية بينما أجبرت النساء على ترك بعض الوظائف الحكومية ومنعن من السفر بمفردهن.

وهذا الشهر، أمر المرشد الأعلى لأفغانستان وزعيم طالبان هبة الله أخوند زاده النساء بتغطية حتى وجوههن في الأماكن العامة.

وقال بينيت للصحافيين في كابول إن هذه السياسة تعكس "نمطا قائما على الفصل التام بين الجنسين وتهدف لتغييب النساء في المجتمع".

وأضاف أن "السلطات (التي تقود البلاد) بحكم الأمر الواقع فشلت في إدراك شدة وخطورة الانتهاكات المرتبكة، العديد منها باسمها".

دعا مجلس الأمن الدولي الثلاثاء حركة طالبان إلى "التراجع بسرعة عن السياسات والممارسات التي تقيّد حاليا حقوق الإنسان والحريات الأساسية للنساء والفتيات الأفغانيات"، في بيان تم تبنيه بالإجماع.

كما طالب الحركة الأفغانية، بإعادة فتح المدارس لجميع التلميذات بدون مزيد من التأخير، معربا عن "قلقه العميق" إزاء الالتزام المفروض على النساء بتغطية وجوههن في الأماكن العامة وخلال البث عبر وسائل الإعلام.

وشددت حكومات أجنبية على أن سجّل طالبان في حقوق الإنسان، وخصوصا بالنسبة للنساء، سيكون محوريا في تحديد إن كان سيتم الاعتراف بحكومة الحركة.

وعلى مدى عقدين من التدخل العسكري الذي قادته الولايات المتحدة في أفغانستان، حققت النساء والفتيات مكاسب وإن كانت هامشية في الدولة التي تعد ذكورية إلى حد بعيد.

وقاومت بعض الأفغانيات في البداية قيود طالبان الجديدة ونظمن تظاهرات مطالبة بالحق في التعليم والعمل.

لكن سرعان ما أوقف المتشددون قادة التجمعات وتم احتجازهن سرا فيما نفت الحركة بأنه تم اعتقالهن. ولزم معظمهن الصمت منذ أطلق سراحهن.