رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

"الأطفال سر البهجة"و"لمة العيلة".. عادات متأصلة في احتفالات اليمنيين بعيد الفطر المُبارك

نشر
الأمصار

من المُتعارف عليه أن لكل دولة عادات خاصة بها، والجميع يتفق على شيء واحد ألا وهو تعظيم شعائر الله إيمانًا بقوله  -جل علاه-:"ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ".

ومن بين هذه الدول تتصدر اليمن المشهد،  حيث تختلف مظاهر الاحتفال بالعيد فى اليمن عن الدول الأخرى، فتجد أهلها منخرطون في جمع الحطب ووضعه على هيئة أكوام عالية لحرقها ليلة العيد؛ وذلك تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم عيد الفطر، وحزنًا على وداعه.

عادات اليمن في عيد الفطر

ويقوم أهل القرى في اليمن بنحر الذبائح، وتوزيع اللحوم على الجيران والأقارب، والجلوس فى المجالس طوال العيد، وتبادل الزيارات وتقديم العيدية، والأكلات اليمنية التي لا تكاد تخلو المنازل منها.

ومن أشهر تلك الأكلات هي "السَّلتة"، وتتألف من الحلبة المدقوقة، وقطع البطاطا المطبوخة، وقليل من اللحم والأرز والبيض، وتحرص السيدات اليمنيات على تقديم أصناف من الطعام إلى الضيوف في العيد، ومنها: بنت الصّحن أو السّباية، وهي عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها بعضًا ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي.

وتلتزم الأسرة اليمنية بتوفير احتياجات العيد من ملابس وخلافه، يقابله استعداد للتعامل الأمثل مع المحيط الاجتماعي لليمنيين خلال فترة العيد، حيث يستعدون لهذه اللقاءات بشكل مكثف، حيث تحرص العائلات اليمنية على تنظيم الزيارات والتواصل مع الأقارب والأصدقاء والجيران، بالتوازي مع حرصهم على أداء الطقوس الروحانية لمثل هكذا مناسبة.

طقوس دينية

عادات اليمن في عيد الفطر

تبدأ تفاصيل أيام العيد في اليمن قبل حلوله بأيام؛ وذلك عبر الاستعدادات والتحضيرات، حيث تحرص العائلة اليمنية على صلاة العيد في المصلى الذي يجمع كافة فئات المجتمع.  

وتمتلئ الأجواء صباحًا قبل وبعد أداء صلاة العيد بالروحانيات والفرحة المُعبرة، حيث تكتظ الشوارع بالمصلين، كما تحرص العائلات على شراء ورود الفل تحضيرًا لسهرات العيد ليلاً، وبعد الرجوع إلى البيت، تنهمك الأسرة بذبح أضاحيها، حيث يتمسك اليمنيون بتأدية هذا الطقس داخل البيوت، وبعد تناول وجبة الإفطار تبدأ جولة أخرى من الطقوس الفرائحية والاجتماعية.

طقوس اجتماعية

عادات اليمن في عيد الفطر

وفي صباح أول يوم عيد يذهب الأطفال برفقة أهاليهم إلى منازل أقاربهم للمعايدة والجلوس معهم والتعرف على أحوالهم، وتوزيع العيديات من أموال وحلويات ومكسرات على الأطفال،  ثم ينطلق الصغار من كل صوب إلى الحدائق العامة والمتنفسات لركوب المراجيح، والالتقاء بالأصدقاء والأقارب هناك.

ووقت الظهيرة يُعتبر وقت اجتماع الأسرة في البيت، لتناول وجبة الغذاء من أضحية العيد، وعقب عصر كل يوم تنطلق العائلات مرة أخرى برفقة أطفالها إلى المتنزهات والمتنفسات الطبيعية التي تزخر بها مدينة مثل عدن.

عادات اليمن في عيد الفطر

وهناك عادة اجتماعية مشهورة في اليمن تعرف بـ"عسب العيد"، وهو عبارة عن مبلغ من المال بدون تقدير معين يدفع من قبل الكبير لأهاليه وبالذات النساء والأطفال، ويُعد عسب العيد رافدًا مهمًا للأسر الفقيرة التي تقوم بقضاء جزء كبير من ديونها بسبب تكاليف العيد من خلاله.

كما أن التجار والجمعيات الخيرية يعتبرون العيد مناسبة جيدة لتقديم عطائاتهم للفقراء والمساكين, وتشمل احيانا تلك العطاءات معظم أصحاب الدخول المحدودة.

ويقوم اليمنيون أيضًا بزيارة المرضى في المستشفيات اضافة الى زيارة المقابر للسلام على ،موتاهم والدعاء لهم ، في كل المناسبات حتى في ايام الاعياد.

ومثل هذه الطقوس والعادات والتقاليد عصية على الاندثار أو الاختفاء من تفاصيل الحياة في اليمن، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن العادات والتقاليد مرتبطة بذاكرة المجتمع اليمني الدينية والاجتماعية، ولا يمكن لها أن تنتهي ما دام كل جيل يتوارثها وينقلها للأجيال التالية. 

ورغم اتساع الجغرافيا اليمنية، واختلاف طبيعتها الجبلية والسهلية والصحراوية، غير أن العادات العيدية لا تختلف كثيرًا من منطقة إلى أخرى، فهناك الكثير من التشابه بينها.