رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

تبادل التهاني والإفطار الجماعي.. عادات وتقاليد العُمانيين في شهر رمضان

نشر
الأمصار

استعد العالم العربي والاسلامي لاستقبال أقدس الشهور وأحبها، أنه شهر رمضان، وبالرغم من جائحة كورونا، لا تزال العديد من الدول تحافظ على التقاليد المتعلقة بهذا الشهر الفضيل، من بينهم سلطنة عمان.

ويشترك المجتمع العماني مع المجتمعات الاخرى في شهر رمضان بعدد من العادات أهمها تبادل التهاني بحلول الشهر الفضيل، واصطحاب الاطفال إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.

ومن العادات العمانية التي ما زال المجتمع العماني يحتفظ بها حتى يومنا هذا، هي الافطار الجماعي سواء في المساجد او تجمع افراد العائلة في بيت واحد، بحيث يلتقي الصغير والكبير على مائدة الأفطار في حلقة واحدة.

كيف يقضي الشيعة في عمان شهر رمضان المبارك

تبدأ أعمال شهر رمضان عند الشيعة في عمان، عند ظهور الهلال، حيث يقوموا برفع أيديهم تجاه السماء من أجل الدعاء والتحدث إلى الهلال.

يقوم الشيعة بدعاء معين عند ظهور الهلال “ربي وربك الله رب العالمين اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والمسارعة إلى ما تحب وترضى، اللهم بارك لنا في شهرنا هذا وارزقنا خيره وعونه، واصرف عنا ضره وشره وبلاءه وفتنته”.

في بداية الليالي البيض والتي توافق الثالث عشر من الشهر الكريم، يقوم فيها الشيعة بالغسل علاوة على تأدية أربع ركعات، كما يتم قراءة سورة الحمد في كل ركعة، بالإضافة إلى إلقاء كلمة التوحيد خمسة وعشرين مرة. 

في الليلة الرابعة عشر، يقوموا بالصلاة أربع ركعات، وبعد كل ركعة يقوم الشيعي بقراءة التوحيد و سورة ياسين والفاتحة والملك.

وفي الأيام الاخيرة الخاصة بشهر رمضان، يقوم الشيعة بقول هذا الدعاء “اللهم اشرح بالقرآن صدري، واستعمل بالقرآن بدني، ونور بالقرآن بصري، وأطلق بالقرآن لساني، واعني عليه ما أبقيتني فإنه لا حول ولا قوة إلا بك”.

يوجد بعض الأعمال الأخرى التي يمارسها الشيعة، وهي القيام بالصدقة، وقراءة القرآن كثيرا، بالإضافة إلى تلاوة دعاء الإمام الصادق، ودعاء الجشن الكبير. 
ويختلف دائماً الشيعة في الصيام السنوي عن أهل السنة، حيث يختلف بداية الشهر الفضيل عند الشيعة، تكون بدايته عندهم مختلفة عن بداية رمضان في الكثير من البلاد الإسلامية، مثال" بداية رمضان يوم اثنين، يقوم الشيعة بالصيام يوم الثلاثاء أو الأحد".

ولا يفطر الشيعة بعد الأذان مباشرة فهم ينتظرون بعض الوقت من أجل قطع الشك في مغيب الشمس، كما يتم الإمساك عند الشيعة بعد الفجر بعشر دقائق بخلاف أهل السنة.

ويسمي الشيعة شهر رمضان، باسم شهر الله، ويرفضون صلاة التراويح في شهر رمضان، كونها كانت بأمر من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله، بينما يصلوا الشيعة قيام الليل بطريقة فردية كبديل عن صلاة التراويح، كما إنهم يصلون الليل ثماني ركعات كحد أقصى ولا يقبلون بالزيادة.

ويرون أهل الشيعة أن ليلة القدر، تأتي في اليوم التاسع عشر، والحادي والعشرون والثالث والعشرون من الشهر الفضيل.

كيف يقضي أهل السنة في عمان شهر رمضان المبارك

تتميز كل قرية عن غيرها من القرى الأخرى بطقوس معينة خلال شهر رمضان الكريم، من حيث العادات والتقاليد التي يمارسها المجتمع، بالإضافة إلى وجبات الطعام والزيارات وغيرها 
تحتفل قرية القشع في نيابة الجبل الأخضر، بشهر رمضان كل عام، بطرق مختلفة عن باقي محافظات عمان، حيث يتجمع أهل السنة في عمان من جميع الأماكن تحت عنوان "رمضاننا مميز".

تتميّز القرية بجمال تراثها العمراني وجمال طبيعتها الخلابة، وتتسم احتفالاتها بترسيخ طابع التعارف والمحاضرات الدينية والمسابقات الثقافية وحلقات القرآن الكريم وتعلّم أصول اللغة العربية.

لشهر رمضان مكانة خاصة في تراث وتاريخ المسلمين، حيث كان يذهب أهل القرية في شهر شعبان على ظهور الحمير نزولا من الجبل الأخضر إلى ولاية نزوى أو إزكي والبعض يتوجه إلى وادي بني خروص، وذلك لشراء المأكل والمشرب من القمح والبر واللبن والتمر، بالإضافة إلى شراء ملابس العيد وغيرها.

وتستعد الأسرة لاستقبال رمضان، وذلك بمراجعة أعمالهم اليومية وتصفية العادات السيئة وتبديلها بأخرى جيّدة، طمعا في الثواب المضاعف في الشهر المبارك، والحث على الإكثار من صلة الرحم وتقوية العلاقات الأسرية. 

كان يجتمع في آخر يوم من شهر شعبان، أهالي القرية ويرشحون ثلاثة رجال منهم، ذوي كفاءة في البصر والرؤية البعيدة، وقبل غروب الشمس بساعتين يتجهز الرجال الثلاثة مصطحبين معهم التمر والماء والقهوة وبعض الزاد، بالإضافة إلى البنادق الشخصية، وذلك لرؤية هلال رمضان.

وإذا راء الهلال أحد من الرجال الثلاثة يخبر الاثنين إذ لا تصدق الرؤية إلا من ثلاثة رجال، وإن ثبتت رؤية هلال شهر رمضان المبارك يتم إطلاق الأعيار النارية من فوهات البنادق فرحا واستبشارا بدخول شهر رمضان وإسماع أهالي القرى البعيدة في الجبل لإخبارهم بدخول الشهر الفضيل.

وبعد أداء صلاة التراويح جماعة في المسجد، يقوم الأهالي يهنئون بعضهم البعض بقدوم شهر الرحمة والمغفرة وصلة الأرحام والتزاور فيما بينهم. 
يوجد فرق بين عادات الناس خلال شهر رمضان في السابق والوقت الحالي؛ حيث كان لأهالي قرية القشع عادات وتقاليد باقية ليومنا.

ومن أهم العادات التي بقيت ليومنا هذا "صلة الجار" إذ يجتمع أهالي القرية بعد صلاة المغرب ويذهبون إلى زيارة كبار السن الذين لا يستطيعون الخروج إلى المسجد والاطمئنان على صحتهم وتسود المحبة الجلسة ويتم سرد قصص الماضي وتبادل الفكاهة.

وقبل صلاة المغرب بحوالي نصف ساعة يقوم الأصغر عمرًا في البيت بحمل طبق من مأكولات الفطور ويذهب به إلى الجيران. 

وتستمر هذه العادة طوال شهر رمضان المبارك مما يقوي الألفة والمحبة والإخاء بين أهالي القرية ويجعلهم كأسرة واحدة. 
ويتم تخصيص يوم معيّن في رمضان لإقامة إفطار جماعي تتم فيه دعوة أهالي القرية الذين أشغلتهم ظروف العيش وذهبوا إلى مختلف محافظات السلطنة. 
وعن المأكولات التي ما زالت حاضرة، حيث الماضي كان الفطور يقوم على التمر واللبن والقهوة، أما اليوم فتمت إضافة بعض أنواع فواكه الجبل له مثل الخوخ والمشمش.

ومن المأكولات الأخرى من المعجنات وغيرها، والأكلات الدسمة كالهريس والثريد وهي ما زالت تعد في كل بيت في شهر رمضان المبارك من الماضي وحتى اليوم.

كيف يقضي الإباضية في عمان شهر رمضان المبارك

تعتبر ولاية سمائل كغيرها من ولايات السلطنة من حيث الاستعداد لشهر رمضان، ولكن باختلاف بعض العادات والتقاليد.

وهناك عادات جميلة ما زالت راسخة في أذهان أبناء هذه الولاية العريقة وقد توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل رغم دخول العولمة في حياة كل مواطن عُماني يعيش على تراب هذا الوطن الغالي إلا أن المواطن بولاية سمائل بقي صامداً في وجه التكنولوجيا والتقنيات الحديثة. 
 

وتستعد كل أسرة في سمائل بشراء احتياجات ومستلزمات الشهر المبارك من أغذية ومواد استهلاكية وتخزينها في منازلهم. 
وقبل حلول شهر رمضان المبارك، تقوم كل أسرة بطبخ "العرسية" وتجتمع لتناولها وتسمى "الدرنة"، أي كل واحد يأكل حتى يشبع استعداداً لليوم الأول من غرة شهر رمضان المبارك، ومنهم مَن يطبخ أكلة "القبولي" وذلك بحسب رغبة كل أسرة.

وفي أول أيام شهر رمضان تقوم كل أسرة بالإبداع في إعداد الوجبات العُمانية والتي عادة لا تختلف عن سائر المجتمع العُماني في محافظات ومناطق السلطنة والتي لا تخلو من لقمة القاضي والحلويات والسمبوسة، إضافة إلى صحن من الرطب أو التمر العُماني واللبن. 
وتبقى هذه العادة سائدة حتى آخر أيام شهر رمضان المبارك، وبعد الإفطار والانتهاء من صلاة المغرب تتناول الأسرة وجبة العشاء ومنهم مَن يشرب الشوربة، أو السخانة قبل العشاء أو يتناول الأكلات العُمانية الأخرى وتؤجل وجبة العشاء إلى وقت آخر من الليل.

وحول أهم العادات والموروثات العُمانية في رمضان، هناك العديد من العادات العُمانية التي اختفت، منها دوي المدفع عند رؤية هلال رمضان ووقت الإفطار، وذلك بسبب التطور وانتشار المساجد التي تتعالى أصوات مآذنها لإشعار الناس بوقت الصلاة.

واختفت شخصية "المسحراتي" وهو الشخص الذي يطوف على البيوت ليوقظ الناس لتناول وجبة السحور وكان يردد عبارة "سحور سحور.. انهضوا تسحروا يا نايمين". 
وفي رمضان والحمد لله، يتسابق أصحاب الخير في إخراج الصدقات والتبرع لصالح الفقراء والمحتاجين، بهدف تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، والحفاظ على المودة والمحبة والتعارف، والعديد من أشباه هذه السمات الطيبة.

ويعتبر الإفطار في المسجد عادة تعوّد عليها أهالي الفيحاء، وهي قد لا تختلف عن العادات في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة، إذ يجتمع الأهالي قبل صلاة المغرب لتناول الإفطار على صحن واحد، وذلك لقرب موعد صلاة المغرب، وتبقى هذه العادة حتى آخر أيام شهر الفضيل بحيث كل واحد من أهالي القرية يأتي بإفطار للمصلين في المسجد. 


يقضي شباب ولاية سمائل شهر رمضان المبارك في المسابقات الثقافية والدينية والمحاضرات الدينية ومنهم مَن يقضيه في لعب كرة القدم، ويبقى معظم أهالي الولاية يقضون ليالي الشهر الفضيل في ممارسة الألعاب الشعبية التقليدية مثل لعبة اللكد ولعبة الحواليس التي تعتمد على الذكاء في نقل الحجارة من مكان إلى آخر، وهم يسردون قصص زمان المشوقة.

وفي الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل يعتكف الكثير من شباب الولاية في المساجد بغية الاستشعار بروحانية ليلة القدر.

ومن خلال الهبطات الثلاث التي تُقام في الولاية خلال المناسبات الدينية سابقاً وفي الوقت الحاضر اثنتان في قرية سرور وسفالة سمائل وسوق المواشي بالولاية، يشتري المواطنون ذبائح العيد وغيرها من مستلزمات العيد من مشاكيك وبهارات ومكسرات وحلويات وخصفة الشوى. 

وفي حين تكون ملابس العيد الرجالية والنسائية وملابس الأطفال قد انتهى تفصيلها، فيما تستعد المرأة العُمانية في الولاية في إعداد «تبزيرة» العيد التي تُستخدم في عملية دهن لحم الشوى لتعطي طعماً لذيذاً ورائحة طيبة، كما تستعد المرأة العُمانية لإعداد الحناء والإكسسوارات الذي تتزين بها خلال أيام العيد.