رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

دبلوماسية العشر الأواخر.. تركيا تعيد العلاقات مع السعودية في أول زيارة منذ 2017

نشر
الأمصار

أعلن مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، أن الرئيس سيتوجه إلى المملكة العربية السعودية في زيارة تستغرق يومين، وذلك في تتويج لجهود أنقرة المستمرة منذ شهور لإصلاح العلاقات مع الرياض.

وتعد الزيارة هي الأولى لأردوغان للمملكة منذ عام 2017، بعد فترة فتور في العلاقات بين البلدين استمر عدة سنوات، بسبب خلافات في عدة ملفات.

وقالت الرئاسة التركية إن أردوغان سيبحث في اجتماعات خلال الزيارة علاقات أنقرة مع المملكة وكذلك سبل زيادة التعاون.

وتتناغم زيارة أردوغان مع خطوات تركية بدأت في الأشهر الأخيرة، للعودة إلى قاعدة تصفير المشاكل مع دول المنطقة، في التوجه الدبلوماسي لأنقرة، التي رأت أن يد التقارب حان لها أن تمد لدول الخليج خاصة دولة الإمارات والسعودية.

وسبق للرئيس التركي أن زار الإمارات في فبراير الماضي، للتباحث وتتناول العلاقات الثنائية بين البلدين بكافة أشكالها، وإمكانيات تطوير التعاون المشترك.

ويرتقب أن يتم خلال تلك الزيارة وضع أسس وقواعد لبدء مرحلة جديدة تعيد الشراكة والعلاقات الواعدة بين البلدين إلى سابق عهدها، بما يصب في صالح دعم أمن واستقرار المنطقة وتحقيق ازدهار وتنمية البلدين.

العلاقات السعودية التركية 

مرت العلاقات بين السعودية وتركيا بمراحل عدة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وشهدت علاقات البلدين "نقلة نوعية"، منذ تولي أردوغان الرئاسة في 28 أغسطس/آب 2014، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز حكم المملكة في 23 يناير/كانون الثاني 2015، واستمرت تلك الفترة  حتى عام 2017.

وخلال تلك الفترة القصيرة تم عقد 10 قمم بين قادة البلدين، كان آخرها في يوليو/تموز 2017 .

تم خلال تلك القمم الاتفاق على مجلس تنسيق مشترك بين البلدين لتعزيز التعاون، وعقد بالفعل دورته الأولى، في العاصمة التركية أنقرة يومي 7 و8 شباط/فبراير 2017.

ويفسر هذا العدد الكبير من القمم خلال تلك الفترة القصيرة، حجم وقوة العلاقات بين البلدين، وحرص الجانبين على التنسيق المتواصل.

وبدأت العلاقات تتوتر بين البلدين في منتصف عام 2017  بسبب عدد من الملفات، ووصل هذا الخلاف ذروته، بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وفي 22 فبراير/شباط الماضي،حاول رئيس تركيا من خلال تصريحاته التأكيد على تعزيز العلاقات مع السعودية.

وقال أردوغان في تصريحات صحفية: "نريد تعزيز علاقاتنا مع السعودية أيضا، ونرغب في دفع حوارنا الإيجابي معها قدما بخطوات ملموسة في الفترة المقبلة".

ومضى في حديثه حينها: "نواصل حوارنا الإيجابي مع السعودية. نريد أن نواصل من خلال اتخاذ خطوات ملموسة في الفترة المقبلة. نريد تطوير العملية في اتجاه إيجابي".

رسائل بعد شهر من تصريحات مماثلة أعلن فيها عزمه زيارة السعودية.

إزدهار العلاقات بين البلدين 

التقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي، 22 مارس/آذار الماضي، بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وذلك على هامش أعمال الدورة الـ48 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي التي تستضيفها عاصمة جمهورية باكستان الإسلامية إسلام آباد.

وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين، بالإضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وكان اللقاء ضمن عدة لقاءات جمعت الوزير خلال الفترة الماضية في مناسبات عدة، أحدها جرى خلال زيارة الوزير التركي للمملكة في 11 مايو/أيار الماضي.

كما شهدت الفترة الأخيرة  تطور العلاقات بين الإمارات وتركيا، والذي توج بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دولة الإمارات، فبراير/شباط الماضي، في زيارة تاريخية تأتي بعد 3 أشهر من الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية لتركيا، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وعلى طريق تحسين العلاقات في مختلف جوانبها، ارتفعت واردات المملكة من تركيا بنسبة 2.8 بالمئة خلال أول شهرين من 2022، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودي.

وبلغت قيمة الواردات في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، 71.3 مليون ريال (19 مليون دولار) مقابل 69.4 مليون ريال (18.5 مليون دولار) في الفترة المناظرة من 2021.

يأتي ذلك، بعد أن تراجعت واردات المملكة من تركيا في 2021 بنسبة 62.3 بالمئة، إلى 3.32 مليارات ريال (886 مليون دولار) مقابل 8.82 مليارات ريال في 2020.

تطورات إيجابية على أكثر من صعيد، وفي أكثر من اتجاه يتوقع أن تسهم في إعادة العلاقات بين البلدين، إلى مرحلة ازدهار جديدة، في خطوة ستجني ثمارها المنطقة والعالم أجمع، نظرا للثقل الذي يمثله البلدان.

وتأتي زيارة التركي رجب أردوغان إلى السعودية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، والتي تحرص فيها القيادة السعودية على قضائها في مكة المكرمة ويستقبل الزيارات الرسمية في مقر الرئاسة بمكة يطلق عليها الإعلام السعودي "دبلوماسية العشر الأواخر" 

دبلوماسية العشر الأواخر

يقضي العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، العشر الأواخر من شهر رمضان بجوار بيت الله الحرام في مدينة مكة المكرمة، كما اعتاد في كل عام.

وتتحول مكة، خلال العشر الأواخر من رمضان، إلى وجهة دينية وسياسية يقصدها مسلمون من جميع أصقاع الأرض لأداء العمرة والاعتكاف، فيما يعتبرها ساسة وقادة فرصة لأداء العمرة ولقاء العاهل السعودي.

واعتاد ملوك السعودية أن يقضوا العشر الأواخر من رمضان في مكة المكرمة قرب بيت الله الحرام، حتى أضحت استقبالاتهم للقادة والزعماء خلال تلك الفترة تُسمى "دبلوماسية العشر الأواخر".‎