رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

"الأصولية اليهودية والأصولية الصهيونية".. كتاب جديد للكاتب العراقي حسام كصاي

نشر
الأمصار

صدر كتاب (الأصولية اليهودية والأصولية الصهيونية: جدلية الدين اليهودي والدين العبري) للكتاب العراقي حسام كصاي في منتدى المعارف للنشر ببيروت.
ويشرح كصاي فيه الفرق أن الصهاينة ليس يهود ويهود اليوم ليسوا عبرانيين الأمس.

أخبار أخرى.. 

حسام كصاي يكتب: نبوءة نيتشه البشرية

ما خلَّفه مبتدعُ الحَنَق على العالم والدين والقِيَم السائدة فيلسوف الألمان المثير "فريدريك نيتشه"، لم يَدَعْ لنا مجالًا للشك في أن هذا العالم بيئة لا تصلح للعيش أو تستحق البقاء فكل شيء بمنظار نيتشه يحتاج للقوة حتى العدالة لا وزن لها بدون براديم العنف الأشر لهذا فهو أنف الحياة وعنف عيشها المائج. 

فنيتشه كان ضد لابتيز تمامًا، وما عشناه ونعيشه اليوم هو خير العوالم بتصوُّر "غوتفرد فيلهلم فون لابتيز" (1646-1716) فكانت أضحوكة ساخرة عند عدمية نيتشه، فلا نجد أي توافق لنيتشه عند هذه الفاصلة، فالعالم غابة بهائم والإنسان حيوان قيد التطور، غير مؤمن منه أو عليه، وبالتالي فهو خالف السائد، ونكل بالقائم وترفع على ما هو واقع متخيلاً عوالم جديدة بالعود الأبدي، أو بإرادة القوة مجتمع من أبطال لا حظوّة فيه للمرضى والمصابين ولسيئو الأحظاظ، وإذا كان "مارتن لوثر" (1482-1546) قد شق وحدة الكنيسة، فإن نيتشه تطاول على لوثر البذيئ وعلى الديانة المسيحية برمتها وذهب إلى أبعد نقطة في العمق الوجداني في فلسفة الدين سارقًا الروح من أثواب الجسد ليعلن عن شق وحدة الإيمان، وحدة المسيحية، وحدة الرب، وتقطيع الدين لموشور أديان. زلزل قوادم المسيحية، أركانها، ابتدع نوعًا من اللا أدرية، من الجحود بالدين (هذا السياق العام عن فلسفته ولو أن الأمر ليس كما نتصوره بعقلنا الجمعي إزاء فكر نيتشه). 

جعل القارة الأوروبية على صفيح ساخن، أجثمها، أرعبها، أركعها على قنبلة موقوتة وديناميت مميت، وما كان لها أن تتعافى بدون تجرع تلك السموم النيتشوية مرغمة، خانعة، راضخة لإرادة ذلك الطبيب الغريب الأطوار، المتناقض في نفسه وفلسفته جعلنا نحنق على كل شيء دون شيء عرَّى الحضارة وكشف عن مسكوتاتها، خوابيها، وضع عورتها، عاهتها، رثاثتها على طاولة المكشوف لنتفحص إسهامات العقل حتى نزدريه دون أن يقنعنا بشيء من الجنون. تركنا نواجه مصيرًا دينيًّا مختلفًا، محفوفًا بالمخاطر، ثوَّرَنا على ذاتنا، ديننا، قيمنا، ورفض أن يجرعنا أفيونًا _ بالوصف الماركس _ وهو البروتستانتي الملخص الصغير. 

ضرب بمشروع السلام الدائم "الكانطي"، بل ضرب بكانط نفسه عرض الحائط لفشله في الحفاظ على عبارة السلام نفسها لم يكن واقعيًّا، براغماتيًّا، بل كان "سوبر واقعي" فوق "ميكافيللي"، ومتشائمًا أبعد من "شوبنهاور"، ورومانسيًّا فائقاً "فاغنر"، ونفسانيًّا قبل "فرويد"، ومُحربًا أشر من "هيغل"، وإنسانيًّا فوق الجميع، لهذا تلخصت فكرة دراسة الحانق "نيتشه" فلسفةً وفكرًا وقِيَمًا حول أمر هام بسبب الانشقاق، الانفجار الثقافي الذي أحدثه نيتشه، ليس في الفكر الأوروبي والعالمي فحسب، بل وفي الديانات السماوية والفكر الديني، ماسًّا المقدس، مبتذلًا لقيمه الروحية، فهو القائل بموت الرب علانيةً، عدو المسيح حربًا شعواء، كاره المسيحية، خصم جميع الفلاسفة، عبارات وعناوين مرعبة ومدوية تترك صدًى عميقًا في نفوسنا وشيئًا من الرهبة والخوف والهذيان.