رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

مشاورات يمنية في الرياض لإنهاء الحرب في البلاد

نشر
اليمن
اليمن

مازال الصراع اليمني في تجدد مستمر، وسط دماء لاتتوقف للمدنيين العزل، منذ أكثر من 7 سنوات، بدأت بسيطرة الحوثيين على اليمن، ومازالت المحاولات مستمرة لحل هذا الصراع. 

هدنة مؤقتة

أعلنت جماعة الحوثي في اليمن، السبت 26 من مارس الجاري، عن هدنة لمدة "ثلاثة أيام" تشمل وقف العمليات العسكرية الهجومية محليا، والعابرة للحدود.

ولكن سرعان ما بدأ الحوثيون سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على أهداف في المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفاً لدعم الحكومة اليمنية.

ويأتي إعلان مليشيات الحوثي للتهدئة الوهمية عقب هجماتها الإرهابية على منشآت النفط في السعودية والتي نفذتها بإيعاز من نظام طهران مستغلة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الطاقة العالمية.

 

"هدنة وهمية"


ومن ثم، أثار إعلان مليشيات الحوثي عن تهدئة مؤقتة غضب اليمنيين الذين وصفوها بـ"الهدنة الوهمية" ضمن مراوغاتها على فرص وجهود السلام الأممية والخليجية.

وقفزت مليشيات الحوثي على جهود للأمم المتحدة للتوصل إلى هدنة خلال شهر “رمضان” والمشاورات الخليجية بين الأطراف اليمنية إلى إعلان تهدئة وهمية في مسعى لترتيب صفوف قواتها على الأرض.

وخرج الحوثيون، الإثنين 22 من مارس الجاري، بالإعلان عن ما أسموه "مبادرة من طرف واحد" بما فيه تهدئة مؤقتة لمدة 3 أيام وذلك بعيد سلسلة هجمات إرهابية عابرة للحدود استهدفت منشآت نفطية وحيوية في السعودية أثارت تنديد دولي واسع النطاق

وبحسب مراقبون فأن مناورة الحوثي تستهدف القفز على جهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ للتوصل إلى هدنة خلال  شهر رمضان وإفشال مساعي مجلس التعاون الخليجي في عقد المشاورات اليمنية التي بدأت اليوم

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أكد "استمراره في التواصل مع جميع الأطراف وفي بذل الجهود نحو هدنة خلال شهر رمضان"، داعيا إلى وقف التصعيد والترحيب في أي خطوات في هذا الاتجاه.
ولكن سرعان ما أشعل إعلان مليشيات الحوثي غضبا واسعا في الشارع اليمني واعتبرها سياسيون إنها مراوغات جديدة بغطاء "تهدئة وهمية" لإفشال مساعي مجلس التعاون الخليجي للسلام.

كما تعد ضربا غير مباشر لإفشال المساعي الأممية والدولية للتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل في البلاد وتسوية ساسية شاملة، وفقا لسياسيين يمنيين.

واعتبر سفير اليمن في لندن والسياسي البارز ياسين سعيد نعمان إعلان مليشيات الحوثي أنه "يقفز بسخرية فوق الأزمة اليمنية التي خلقوها بانقلابهم الدموي ومصادرتهم للدولة اليمنية لصالح المشروع الطائفي الإيراني التوسعي إلى تهويمات عن دعوة لما أسماه وقف إطلاق النار مع المملكة العربية السعودية".

وأوضح المسؤول والسياسي اليمني على حسابه في موقع "فيسبوك"، أن مليشيات الحوثي "تكرر وعلى نحو بائس ما تردده دائماً من أنهم في حرب مع دول التحالف ولا سواه"، إشارة إلى تقديم الحوثيين أنفسهم كممثلين وحيدين للشعب اليمني.

وهاجم نعمان الإعلان الحوثي قائلا "بئس الإعلان ..وبئس ما اقترفتموه من جريمة بحق اليمن"، مشيرا إلى أن إعلان المليشيات تأتي لتغيب المشكلة اليمنية والتمسك بشروطها أمام أي تفاهمات.

 

إعادة حشد الصفوف

توالت الإدانات العربية والدولية للاعتداءات الإرهابية التي نفذتها مليشيات الحوثي، الجمعة، على مبان مدنية ومنشآت للطاقة في عدة مناطق بالسعودية، واعتبرت طلب الهدنة ماهي الإ مراوغة وإعادة حشد لصفوف الحوثيون.

ووصفت الدول والمؤسسات العربية والدولية هذه العملية بـ"الجبانة"، مؤكدة أنها لا تستهدف المدنيين والمناطق المدنية وأمن المملكة فقط وإنما أيضا مصادر إمدادات الطاقة العالمية، الأمر الذي يتطلب تحركا دوليا سريعا للجم تلك الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها.

وكان المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، العميد الركن تركي المالكي، أكد أن محطة توزيع المنتجات البترولية التابعة لشركة أرامكو بمدينة جدة تعرضت مساء الجمعة لعمل عدائي تشير الدلائل والمؤشرات الأولية لاستهدافها من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.

ونشب الحريق في خزانين اثنين تابعين للمنشأة النفطية، تمت السيطرة عليهما دون وجود أي إصابات أو خسائر بشرية.


اليمن وبداية الحرب


تعود جذور الصراع اليمني إلى عام 2011، حيث بدأت انتفاضات ما يعرف بالربيع العربي، عندما أجبرت انتفاضة شعبية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي كان في السلطة لفترة طويلة، على تسليمها إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.

وكان من المفترض أن يجلب ذلك الانتقال السياسي الاستقرار إلى اليمن الذي يعد من أفقر دول الشرق الأوسط، لكن الرئيس هادي واجه صعوبات مختلفة بما في ذلك هجمات المتشددين والفساد وانعدام الأمن الغذائي واستمرار ولاء العديد من الضباط العسكريين للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

في عام 2015، خلفت الحرب الأهلية في اليمن، ما يقارب 10 آلاف قتيل ودفعت الملايين منهم إلى حافة الموت جوعاً.

تصاعد الصراع


ومن ثم بدأ القتال عام 2014 عندما استفادت الحركة الحوثية من ضعف الرئيس الجديد، وسيطرت على محافظة صعدة الشمالية والمناطق المجاورة، تلاه السيطره على العاصمة صنعاء، الأمر الذي أجبر هادي على الفرار إلى الخارج.

وتصاعد الصراع بشكل كبير في مارس/ آذار 2015، عندما بدأت السعودية وثماني دول أخرى، غالبيتها من العرب السنة بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في شن غارات جوية ضد الحوثيين، بهدف معلن هو استعادة حكومة هادي.

وصاحب ذلك مخاوف من جانب التحالف الذي تقوده السعودية من أن يقود استمرار نجاح الحوثيين إلى تثبيت قدم إيران، ذات الأغلبية الشيعية، في اليمن وهي القوة الإقليمية المنافسة للسعودية.


وقد عانى كلا الطرفين من الاقتتال الداخلي، وقُتل صالح على يد المقاتلين الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد أن انشق الحوثيون عنه.

الأزمة الإنسانية باليمن


لقد سببت هذه الحروب أزمة إنسانية كبيرة، حيث تعرض 8.4 ملايين على الأقل من اليمنيين لخطر المجاعة و22.2 مليون شخص، أي 75 في المئة من السكان بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة. ويهدد سوء التغذية الشديد حياه ما يقارب 400 ألف طفل دون سن الخامسة. وانهار النظام الصحي في اليمن الذي أدى إلى تفشي الكوليرا وتسبب في مقتل الآلاف.

في يونيو/ حزيران 2018، بدأت القوات الحكومية المدعومة من السعودية هجوماً على ميناء الحديدة الرئيسي الذي يسيطر عليه الحوثيون، وهو نقطة دخول معظم المساعدات الإنسانية إلى اليمن، وشريان الحياة لتجنب المجاعة. وحذرت وكالات الإغاثة من أن الهجوم قد يجعل الكارثة الإنسانية في اليمن أسوأ بكثير.

من هم الحوثيون


تشكلت الحركة الحوثية من الصراع المسلح مع الحكومة المركزية في اليمن، ففي بداية التسعينات تشكلت أول حركة باسم "الشباب المؤمن"، مدفوعة بواقع التهميش الذي تعاني منه مناطق الزيديين الذين تقدر نسبتهم بحوالي 35 إلى 40 في المئة من سكان اليمن. واتخذت الحركة في بادئ الأمر طابعاً فكرياً عبر التركيز على البحث والتدريس ضمن إطار المذهب الزيدي.

وارتبط الزعيم الأول للحركة حسين بدر الدين الحوثي، بحزب سياسي صغير كان يعرف باسم "الحق" وفاز هذا الحزب بمقعدين في برلمان اليمن في انتخابات 1993، وشغل حسين أحدهما خلال الفترة ما بين 1993 إلى 1997.

وبعد 11 سبتمبر/أيلول 2001 ، اتبع حسين الحوثي، نهجاً فكرياً جديداً جمع بين "إحياء العقيدة" و"معاداة الإمبريالية" متأثراً بالأفكار العامة للثورة الإسلامية في إيران.

تحولت الحركة إلى تنظيم مسلح عام 2004 في مواجهات مع القوات الحكومية، واتخذت الحركة أسماءاً مختلفة حتى استقرت في النهاية على اسم "انصار الله".

شارك الحوثيون بكثرة في المظاهرات المناهضة لحكم صالح خلال عام 2011 وكانوا طرفا أساسيا في جلسات الحوار الوطني، ومثّل سقوط حكم صالح عام 2012 فرصة ثمينة للحوثيين لتعزيز موقعهم ونفوذهم في اليمن.

وفي عام 2014، سيطر الحوثيون بشكل كلي على العاصمة صنعاء، وفي أوائل 2015 حاصروا القصر الجمهوري وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه هادي وأعضاء الحكومة الذي فر لاحقا إلى السعودية.


انطلاق المشاورات اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون


انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، اليوم الأربعاء، المشاورات اليمنية برعاية مجلس التعاون الخليجي، وذلك فيما رحبت الأمم المتحدة بإعلان التحالف العربي في اليمن وجماعة الحوثي "وقف العمليات العسكرية" بشكل مؤقت.

وكان قد أرسل مجلس التعاون الخليجي دعوات لنحو 500 شخص من مختلف المكونات في المجتمع اليمني "من دون استثناء".

وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف في كلمة افتتاحية، إن المشاورات اليمنية "تمثل منصة لأبناء اليمن لتشخيص الواقع وفهم صعوباته واستقراء المستقبل وبلورة تحدياته واتخاذ خطوات عملية تنقل اليمن من الحرب وأهوالها إلى حالة السلم".

وشدد على أن "لا حل إلا ما يقرره أبناء اليمن، ولا مستقبل إلا ما يقرره أبناء اليمن"، وأكد أن "الحل يمني ولأجل اليمن"، مضيفا أن "جهود المجتمع الدولي عبر مبعوثيه تشكل دعماً دولياً لإنهاء الصراع في اليمن عبر قرارات مجلس الأمن، ودعم كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار".

واعتبر أنها "فرصة تاريخية للبناء عليها، والحفاظ على اهتمام المجتمع الدولي بملف اليمن إلى أن تضع الحرب أوزارها وتنطلق معركة البناء والإعمار".

وقال الأمين العام للمجلس إن المشاورات ستشمل 6 محاور هي: "العسكري والسياسي، الإنساني والاقتصادي، والإصلاح الإداري والتعافي الاجتماعي".

مشاورات الرياض


أشاد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بجهود مجلس التعاون الخليجي للتوصل لحل شامل للأزمة اليمنية معربا عن تفاؤله بشأن المشاورات.

جاء ذلك في كلمة ألقاها، الأربعاء، بالجلسة الافتتاحية للمشاورات اليمنية بالرياض التي تعقد تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي وفي مقره، في محاولة لوضع حد لنزيف الحرب.
وقال المسؤول الأممي: "نثمن الجهود المقدمة من مجلس التعاون الخليجي للوصول لحل شامل للأزمة اليمنية"، مشيرا إلى أن "الرياض دائما تفتح أبوابها للحوار".

ورحب المبعوث الأممي "بكل المبادرات الدبلوماسية لدعم الجهود الأممية للوصول إلى حل للأزمة اليمنية"، لافتا إلى أنه لا يمكن حصر الخسائر التي حدثت لليمن بسبب الحرب.

وشدد غروندبرغ على أن "الشعب اليمني يحتاج إلى إجراءات عاجلة لتخفيف آثار الحرب، وطريقا واضحا، ولهذا لابد أن نتوصل إلى حل سياسي".

وأعرب عن "أمله وتفاؤله حيال نجاح هذه المشاورات، داعيا إلى ضرورة تحديد الأهداف بعيدة وقريبة المدى لعملية السلام في اليمن لضمان نجاحها.
وحذر من أنه في حال استمر الصراع اليمني، فسيكون له تأثير غير محدود على الشعب.

 

ويأمل اليمنيون أن تساعد مشاورات اليوم والغد تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي في إنقاذ اليمن، ووضعهعلى خطى مسارات السلام وصولا إلى بناء الدولة الحديثة.