رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. أحمد حميد يكتب: ضياع المنتظرين في فلسفة الانتظار

نشر
الأمصار

حينما يغادر أنبياء الأديان الحياة، يُطمئنون أتباعهم بظهورِ منقـذٍ في آخر الزمان، لديمومةِ أديانهم، ويعودُ بالشريعةِ إلى مسارها الصحيح، بعد ما تنهكها الخرافات و تضمحل الإجابات، وتنتصر الأسئلة .

إذا ما استثنينا المؤمنين برمزية القصص القرآني، لا يمكن لأيِّ قرآنيٍّ آخر، مؤمناً بسماويةِ الحدث، أن يتنكّر لشخصيةِ المهدي، وجسميتهِ الغائبة. لأن ضرب هذه الفرضية، يؤدي إلى ضرب واقعية “نوح” الذي قاربت رسالتهُ الألف عام في تلك الحياة.

في القرن الخامس الهجري، كان شيخ الطائفة الطوسي، (مؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف)، من المنتظرين لظهور “المهدي المنتظر”، لو تخيلنا بقاء هذا الشيخ لغاية العام الهجري الحالي ١٤٤٣ هج، لكان عمر انتظارهِ للإمام الثاني عشر، نحو ألف عام.

انتظار التغيير من الخارج الغيبي، مؤشرٌ كبير، على عدم صلاحية العقل الديني، العاجز على إعمار الأرض، فالعقول التي تتغذى على طروحات “علي الكوراني”، ونظيره “المهاجر”، و”عبد الحليم الغزي” (الطفرة النوعية في تاريخ التطرف الشيعي) هذه عقول تفهم التشيع من مؤخرتهِ لا من مقدمته، كما أنها تخون الله في أجمل آياتهِ المتمثلة في مَلَكَّة التفكير .

اِنتبـه، أيها العقائدي الغيور، لا تجعل نفسك ضحيةَ مشاريعَ تسويقية، لسياساتٍ مؤدلجة محلياً و دولياً، و لا تكن مَطيةً يمتطيها كل طامحٍ بسلطةٍ دينيةٍ وسياسية، فللتاريخ أرشيف و خبرة في مختلف الحركات المهدوية الزائلة .

أما المهدي، فهو طرحٌ قائمٌ على فلسفةِ الأمل، وهذه الفلسفة تكمنُ مفاتيحها بآية “إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم”، فالاجتهاد والعمل الدؤوب على دواخل الإنسان وخارجه، سيجعلهُ يكسبُ الدنيا والآخرةِ معاً .

في الختام، اِنشغل بتطوير ذاتك أخلاقياً، و روحياً، وعلمياً، وتقنياً، بعيداً عن ثقافةِ القنوطِ والكسل، وآمن بالمهدي عقائدياً، لأنهُ قد لا يظهر إلا بعدَ خمسةَ آلافِ سنة، كما يقول فيلسوف الشيعة المعاصر جوادي آملي .

الوسوم: أحمد حميدالأديانالتغييرالديانةالشريعة