رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

علي الزبيدي يكتب: في الصميم .. وليس سواء عالم وجهول !

نشر
الأمصار

نعم قالها السموأل بن عادياء في العصر الجاهلي، واكدها القرآن الكريم بقوله تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) اذن لم تكن هذه المقارنة جديدة ولكن للتذكير على ان الفرق واسع وشاسع بين العالم والجاهل كبعد الأرض عن جوف السماء.

فالعالم يتطلع الناس إلى الاستفادة مما اكتسبه من علوم ليزيدهم علما ودراية بما يحيط بهم من اشياء مبهمة على الكثير والجاهل يأخذ الناس إلى عالم الجهل والخرافة والدجل والتي تقود مجتمعة إلى تجهيل المجتمع بكل ما هو تافه ومضر بمصالح الناس والمجتمع وما نراه اليوم في مجتمعنا من انتشار الجهل على أيدي جهال كثر استغلوا الاجواء العامة التي سادت في مجتمعنا منذ الاحتلال وليومنا هذا فنرى إزدياد عدد المشعوذين و(العلماء الروحانيين ) ومراكز ومكاتب المنجمين وقيام عدد من الفضائيات للترويج لهم سعيا وراء مصالحها المادية حتى وان أضر ذلك بالمجتمع وحياة الناس والمتابع لمواقع التواصل الاجتماعي يجد أن لهؤلاء صفحات لنشر الخرافة و الجهل والدجل بين الناس دون وازع من ضمير ودون رقيب حكومي أو امني وان ضحايا هؤلاء بازدياد ما دام الجهلة والمشعوذون مستمرون في عملهم وكأن المجتمع أصبح لا يؤمن الا بالخرافات والغيبيات التي ما انزل الله بها من سلطان فهؤلاء الدجالون والمشعوذون تسببوا في تدمير عوائل كثيرة بإقحام بعض النصوص الدينية واستغلالها في عملية ابتزاز الناس البسطاء.

ونرى كذلك انتشار محلات العشابين وكل يدعي علمه بهذا العالم الواسع في التداوي بالأعشاب أو ما يصطلح عليه الطب البديل والذي نعرف ان له ضوابطه وناسه المعروفين والذين اخذوا هذا العلم بالمعرفة والتجربة والخبرة المتراكمة وحتى بالوراثة ولدينا شواهد في بغداد نفسها حيث كان عدد هؤلاء العشابين لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة واحدهم المرحوم السيد ابراهيم الحكيم في الكاظمية والذي عالج الملك فيصل الثاني وهو صبي من اصابته بالربو القصبي حيث اتت به والدته الملكة عالية ووصف له الدواء العشبي وشفي من المرض وعند عودة طبيب العائلة سندرسن عرف بالموضوع واطلع على وصفة ابراهيم الحكيم استحسنها وايدها هذا مثال لمن يعمل بعلم الطب البديل وليس كما هو اليوم فقد أصبح عدد العشابين بالآلاف .

انها محنة حقيقية لمجتمعنا الذي ابتلى بالكثير من الجهال والمشعوذين في جميع مناحي الحياة وعلى الخصوص في السياسة وتشعباتها فكم من جاهل تقلد مناصب ومواقع سياسية استغلها للإثراء على حساب قوت الفقراء وألأمهم ؟

وكم من هؤلاء الجهلة من تسبب في تدمير مستقبل البلاد والعباد وكم وكم ولا هم لهم إلا سرقة المال العام وان ادعوا الأمانة والصلاح والتقوى وفي حقيقتهم عكس ذلك تماما وقد قالها ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي ووصف حالة المجتمع عند سقوط الدول وتدمير الحكومات فقال (عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والافاقون والمتفقهون والانتهازيون وتعم الإشاعة وتطول المناظرات وتقصر البصيرة ويتشوش الفكر) نعم انها الحقيقة المرة التي نعيشها اليوم نحن العراقيون في ظل الجهل والجهال والفساد والفاسدين الذين يعاد تدويرهم على الدوام رغم فسادهم وشيوع ظاهرة الشعوذة والمشعوذين وتبقى الحقيقة الساطعة هي ليس سواء عالم وجهول فمتى يأخذ العلماء دورهم في بناء المجتمع ويصمت الجهال؟.