رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

إيران والبرنامج النووي.. هل تصل مفاوضات فيينا إلى اتفاق نهائي؟

نشر
الأمصار

في تلك الفترات تتردد الكثير من الأقاويل حول وضع جولة المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي من شأنه يثير التوتر مع الولايات المتحدة ودفعها لفرض مجموعة من العقوبات على إيران من جهة، ويثير على الجهة الموازية مخاوف إسرائيل من تحول إيران لقوة نووية إقليمية وهى لا تزغب في وجود منافس لها في منطقة الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق يناقش التقرير الحالي حيثيات المفاوضات الأخيرة بشأن البرنامج النووي الإيراني كالتالي:

محادثات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني 2015

توصلت القوى الدولية وإيران إلى اتفاق في المحادثات الجارية في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني يشمل تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها، وذلك عام 2015 إبان ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق “باراك أوباما” والذي أوضح: “الاتفاق يقطع أي طريق أمام إيران للحصول على أسلحة نووية”.

وقد واجه هذا الاتفاق معارضة قوية من المحافظين في كل من إيران والولايات المتحدة الأمريكية، علاوة على إبداء الحكومة الإسرائيلية قلقها من الاتفاق، حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وقتها بنيامين نتنياهو بأنه “خطأ تاريخي سيعطي لإيران مئات المليارات من الدولارات يمكنها عبرها أن تغذي ماكينة إرهابها وتوسعها وعدوانها في عموم الشرق الأوسط والعالم”.

وتضمن ذلك الاتفاق السماح بنودًا تمثلت في:

  • للمفتشين التابعين للأمم المتحدة بمراقبة المواقع النووية الإيراني ولكن يمكن لإيران تحدي طلبات دخولهم.
  • تعاد العقوبات خلال فترة 65 يوما عند حدوث أي خرق للاتفاق، إلى جانب ذلك استمرار الحظر على توريد الأسلحة لإيران لمدة خمس سنوات.
  • استمرار الحظر على الصواريخ لمدة ثماني سنوات بعد الاتفاق، والسماح لإيران بمواصلة عمليات التخصيب بكميات محدودة لا تسمح بتراكم اليورانيوم المخصب لديها، وكذلك باستخدام أجهزة الطرد المركزي لأغراض البحث والتنمية.

خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق

أعلن الرئيس الأمريكي السابق “دونالاد ترامب” الانسحاب من الاتفاق النووي ووذلك لعدة أسباب محتملة وهى:

  • فشل جهود الوسطاء الأوروبيين فى التوصل إلى صيغة تفاهم ترضى الطرفين الأمريكي والإيرانى .
  • رفض إيران تلبية مطالب الرئيس الأمريكى حول مخاوفه من بنود التجارب الصاروخية الباليستية وخرق قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2231.
  • التوصل إلى اتفاق ضمنى مع الشركات الأوروبية باستثنائها من العقوبات المحتملة والسماح لها فى إطار سقف محدد لمواصلة الاستثمار فى السوق الإيرانية.
  • الضغط الإسرائيلى المتواصل على الإدارة الأمريكية وتقديم أدلة على عدم حسن النوايا الإيرانية بخصوص البرنامج النووى.
  • امتلاكه لأدلة خرق إيران روح الاتفاق ومنها تقارير الأمم المتحدة حول تزويد طهران الحوثيين بالصواريخ الباليستية خرقا لقرار مجلس الأمن الدولى 2216.

وهذا الانسحاب دفع إيران لمواصلة عملها في النشاط النووي ردًا على الانسحاب الأمريكي من المعاهدة وخصوصًا بعد الإنسحاب قد فرض الرئيس الأمريكي عقوبات صارمة على إيران وبالأخص على صادراتها النفطية ومن ثم يؤدي إلى خناق اقتصادي لإيران.

 

الرئيس السابق ترامب

جولة جديدة

كان العودة للاتفاق النووي مع إيران أحد أهم الأشياء التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي “جو بايدن” وبدأت في الأيام القادمة جولة جديدة ثامنة من المفاوضات في فيينا عبر اجتماعات مكثفة برعاية الاتحاد الأوروبي بمشاركة الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، بينما تشارك الولايات المتحدة في الحوار دون خوضها أي اتصالات مباشرة مع الطرف الإيراني؛  وترفض طهران التفاوض المباشر مع الإدارة الأمريكية قبل رفع العقوبات غير المتعلقة بالبرنامج النووي، والتحاور حول عدد السنين التي حددتها الاتفاقية 2015 حول تخصيب اليورانيوم،  بينما تصر واشنطن على ضرورة التقدم بمبدأ خطوة مقابل خطوة.

وذلك للوصول لاتفاق نهائي مستديم وفي هذا السياق أعلن  المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، أن: ” إيران تسعى فى مفاوضات فيينا من أجل الوصول إلى اتفاق مستديم يمكن الاعتماد عليه بحسب وكالة فارس الإيرانية”.

مشيرًا إلى: “أن بلاده لن تتفاوض على أى قضية خارج الاتفاق النووى”، مضيفًا في السياق ذاته:” نحن غير متفائلين أو متشائمين، نخوض المفاوضات، ولسنا راضين عن سرعة المفاوضات، ولو توفرت مثل هذه الإرادة والمستوى من القدرات لدى الطرف الاخر خلال الأيام القادمة، فبالإمكان القول انه يمكن الوصول إلى اتفاق جيد ومستديم فى أقصر فترة زمنية”.

وبالحديث عن العقبات الموجودة فى مفاوضات فيينا قال المسئول الإيرانى: “هناك عقبات موضوعية وموقفية فى القضية النووية، ولفت إلى أنه تم تحقيق تقدم جيد وبإمكاننا الوصول إلى توافقات جيدة”.

وفي هذا السياق صرح كبير المفاوضين الإيرانين  علي باقري حول المحادثات بأن” دائرة الاختلاف تضيق يومًا بعد يوم”.

وعلى الجانب الأمريكي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أوضح: “إن محادثات الاتفاق النووي مع إيران في فيينا أظهرت تقدمًا متواضعًا” ،مشيرًا إلى أن: “واشنطن تأمل أن تبني على هذا التقدم خلال الأسبوع الحالي، مضيفًا أن الإعفاء من العقوبات وعودة إيران للامتثال للاتفاق النووي في صلب محادثات فيينا”.

وبالنسبة إلى تعليق المشاركين في الاتفاق فرئيس الوفد الصيني في مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني وانغ كوان، أوضح: ” طهران تؤدي «دورا بنّاء جدا» في المفاوضات من خلال تقديم أفكار جديدة وشاملة”، مشيرًا إلى: ” الصين تدعم بحزم مطالب إيران المنطقية في مجال الأنشطة النووية ما دامت لا تمثل خطرا في نشر الأسلحة النووية”.

وعلى صعيد آخر  اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان: ” أن مفاوضات فيينا حول إحياء الاتفاق الخاص ببرنامج إيران النووي تجري بشكل “بطيء جدا”.

مضيفًا: “النقاشات جارية لكنها من وجهة نظرنا بطيئة جدا… الأمر الذي يهدد إمكانية التوصل إلى اتفاق حول نووي إيران يستجيب لمصالح كل الأطراف في إطار زمني واقعي. لا نزال بعيدين عن إبرام صفقة”.

كبير مفاوصين إيران

التطورات إلى أين؟

إن حدوث تقدم طفيف وسط أجواء متفائلة لا يعطي مؤشرات أن الأمور تسير على هذا النحو وأن المفاوضات تنتج اتفاقًا نهائيًا في القريب العاجل خصوصًا أن وجود سبع جولات سابقة دون وصول لشكل نهائي من الاتفاق يؤكد تلك الظنون خصوصًا أن الجانب الإيراني مصر على رفع العقوبات أولا، وأن التوصول لأي اتفاق يوضع في مجلس الأمن الدولي وأن تشرف المحكمة الدولية على أي اتفاق من الممكن أن يحدث، ومن ثم هناك عدة سيناريوهات لتطورات المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني كما يلي:

  • السيناريو الأول: سيناريو تفاؤلي حيث إذا تم النظر إلى المطالب الإيرانية فالدول الأوروبية تستطيع أن تقدم تلك الضمانات التي تطلبها إيران وعلى الأرجح أن في حالة موافقة الولايات المتحدة على ذلك تكون خطوة إيجابية للمفاوضات ولكن كلا الجانبين يتنظر تقديم تنازلات من الجانب الآخر، وعلى العموم ففي حالة الاستجابة الأمريكية ستتكمل الإجراءات التي من شأنها أن تمهد للوصول إلى اتفاق نهائي ممكن، وبعدها تلتزم إيران بكافة البنود من المراقبة الدولية على الأنشطة النووية واستعادة كاميرات المراقبة للوكالة الدولية للطاقة، وفي هذا السيناريو يتم النظر أيضًا إلى تحركات إيران الصاروخية في المنطقة وأنشطتها خارج حدودها الإقليمية حيث الوصول إلى اتفاق نهائي سيضع العديد من النقاط حول تلك الإشكاليات.
  • السيناريو الثاني: سيناريو تشاؤمي حيث أن الإدارة الأمريكية تتعنت تجاه المطالب الإيرانية، وتستمر في عنادها والخروج من الاتفاق النووي خصوصًا وسط رغبتها في التوسع بفرض مزيد من العقوبات على إيران وبالتالي في تلك الحالة تتوصل المفاوضات إلى ما شيء، ولعل ما يبرهن على ذلك قول المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “نحن غير متفائلين وغير متشائمين” كدليل على أن المفاوضات في موقف وسط من استجابة نهائية من الجانب الأمريكي على المطالب الإيرانية، وفي هذا السيناريو يتوقع إلى جولاتها التاسعة بدون مؤشر يتوقع وصول غلى حل نهائي.
  • السيناريو الثالث: وهو متوقع رُغم نفي الجانبين الإيراني والأمريكي وهو الخروج باتفاق مؤقت بين الجانبين لمدة عامين كما الذي حدث من قبل.

خلاصة القول رُغم التقارير التي توضح جوانب إيجابية حول محادثات فيينا إلا أن المحادثات لم تكن هى الأخيرة إذا ظلت الولايات المتحدة على موقفها من بعض البنود التي تريدها إيران كرفع العقوبات والتي تعتبرها أساسًا لاستكمال المفاوضات بين الجانبين.