مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بعد إغلاق 5 أشهر.. إعادة فتح المعابر الحدودية بين السودان وإثيوبيا

نشر
الأمصار

أعلنت الحكومة الإثيوبية، اليوم الاربعاء، إعادة فتح المعابر الحدودية مع السودان، بعد إغلاق دام 5 أشهر، في إطار تعزيز العلاقات الشعبية التاريخية والمتجذرة التي تربط البلدين.

وقال عمدة مدينة المتما الحدودية الإثيوبية، هبتي أديسو، إن معبر المتما القلابات الذي يربط البلدين ظل مغلقا منذ تموز الماضي، وسيتم إعادة فتحه اليوم الأربعاء، بعد اتفاق بين البلدين، بحسب وكالة الانباء الاثيوبية الأمهرية.

وأوضح أن الطريق كان مغلقا من قبل السلطات السودانية نتيجة بعض القضايا والمناوشات التي حدثت، أخيرا، بين البلدين، غير أن اتفاقا تم لاستعادة فتح المعبر البري الرئيسي الذي يربط إثيوبيا والسودان ليفتح الطريق أمام حركة الأفراد والبضائع والتجارة لشعبي البلدين.

 

الحدود الإثيوبية السودانية

الحدود الإثيوبية السودانية هي الحدود الدولية التي تفصل بين إثيوبيا والسودان، وتمتد هذه الحدود من الحدود الثلاثية بين السودان وإثيوبيا وإريتريا شمالًا إلى الجنوب على الحدود الثلاثية بين السودان وإثيوبيا وجنوب السودان.

وحتى استقلال إريتريا في عام 1993، كانت هذه الحدود تمتد إلى البحر الأحمر في الشمال وكان طولها حوالي 2200 كيلومتر، وفي عام 2011 تم تقليص الحدود بمقدار النصف تقريبًا بسبب استقلال جنوب السودان.

لم يتم الانتهاء من ترسيم الحدود، حيث توجد محادثات حديثة بين الدولتين من أجل الانتهاء من العملية التي بدأت في عام 2001. لقد أدانت المعارضة الإثيوبية بعض هذه المبادرات. إنها منطقة غير آمنة تشهد مناوشات متفرقة بين الجيش الإثيوبي والقوات الانفصالية التابعة لجبهة تحرير أورومو.د

قضية النزاع

جدل الحدود الإثيوبية السودانية، هي حدود متنازع عليها بين جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية وحكومة السودان منذ القرن التاسع عشر.
تشترك إثيوبيا والسودان في حدود طويلة جدًا بطول 1600 كيلومتر، وبالنسبة للسودان الذي كان تحت استعمار الإمبراطورية البريطانية، لم يكن هناك ترسيم واضح للحدود بين إثيوبيا والسودان.

في عام 1902، وبعد توقيع المعاهدة الإنجليزية الإثيوبية، عندما كان السودان تحت الحكم البريطاني، رسّمت الإمبراطورية البريطانية الحدود بمساعدة تشارلز غوين، المهندس الملكي البريطاني، دون وجود الإمبراطورية الإثيوبية. ومع عدم قبولها من قبل الإمبراطورية الإثيوبية، إلا أن الحدود الاستعمارية لإثيوبيا والسودان غير واضحة لأنها تعتمد بشكل أساسي على علامات الأرض الطبيعية مثل الجبال والأشجار والأنهار.

في عام 1956، عندما كانت إثيوبيا تحت حكم هيلا سيلاسي، حقق السودان الاستقلال عن الإستعمار البريطانية. ومع هذا لم ينشأ السلام بين الجارين، لأن حكومة السودان دعمت الجماعات المسلحة وجبهة التحرير الإريترية والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا التي قاتلت حكومة هيلا سيلاسي على طول الحدود الإثيوبية السودانية. بعد ذلك، التزمت الحكومة الإمبراطورية الإثيوبية بدعم حركة التمرد في جنوب السودان المعروفة باسم الأنيانيا. تسبب هذا في الحرب الأهلية السودانية الأولى التي دارت بين 1955 و1972.

في 17 فبراير 1972، عقدت إثيوبيا مؤتمر سلام في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، بين متمردي جنوب السودان والسودان. هذا سمح بوقف الحرب الأهلية السودانية الأولى، وأعاد العلاقات بين إثيوبيا والسودان بشكل جيد.

في عام 1972، تبادل السودان وإثيوبيا الملاحظات بشأن مشاكل الحدود بينهما. ومع ذلك، فشل تبادل المذكرات بين إثيوبيا والسودان في تسوية مسألة بارو البارزة أو اتخاذ الترتيبات لوقف اللصوصية وإقامة التعايش السلمي بين الرعاة. كما أن محادثات إثيوبيا والسودان عام 1972، فشلت في التوصل إلى حل طويل الأجل قابل للتطبيق لأنها لم تعيد تحديد المكان الذي يجب أن تمر فيه الحدود فوق بارو البارز.

في 15 ديسمبر 2020 وبعد 49 عام، وضع هذا النزاع الحدودي المثير للجدل إثيوبيا والسودان في مواجهة حدودية.

اشتباكات حدودية بين السودان وإثيوبيا ومقتل وإصابة العشرات

وفي 27 نوفمبر 2021، شنت قوات مسلحة إثيوبية، هجمات على منطقة الفشقة الحدودية السودانية، وأسفرت هذه المعارك مقتل وإصابة 51 سوداني.

وفي اليوم ذاته، اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات سودانية وأخرى إثيوبية توغلت داخل الأراضي السودانية شرق بركة نورين عند مستوطنة ملكامو بعمق 17 كيلو متر، حيث دارت معارك طاحنة شرق منطقة أم ديسا وبركة نورين تجاه مستوطنة مالكامو الإثيوبية المشيدة داخل الأراضي السودانية شرق نهر عطبرة حيث استخدمت في المعركة المدفعية الثقيلة والرشاشات على مدى 8 ساعات.

وأسفر اليوم عن مقتل 21 من الجيش السوداني بينهم ضابط برتبة رائد و ملازم أول، وجرح حوالي 33 آخرين جرى نقلهم إلى مستشفى تبارك الله بمحلية القريشة”.

 

الجيش السوداني يتعهد بالتصدي لإثيوبيا

وعلى غرار هذه الأحداث، أصدر الجانب السوداني بيانا رسميا أكد فيه الاشتباكات مع قوات مسلحة إثيوبية.

وتعهد الجيش السوداني بالتصدي لمحاولة إثيوبيا إفشال “موسم الحصاد” في الفشقة الحدودية، مشيرا إلى التصدي لهجوم إثيوبي على الحدود الشرقية.

وقال الجيش السوداني في بيانه: “سنقدم الأرواح لتأمين البلاد”.

وعلى أثر ذلك توجه القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إلى الفشقة للوقوف على الأوضاع هناك وتفقد أفراد القوات المسلحة على الحدود الشرقية للبلاد.

وتعود هذه الاشتباكات إلى الواجهة مرة أخرى، بعدما هدأت وتيرتها منذ أشهر، عندما اتفق الجانبان على ترسيم الحدود بينهما.

والهجمات الأخيرة، ليست جديدة من نوعها، نظرا لأن الجيش السوداني كان يصد بين الحين والآخر ومُنذ تحريره معظم أراضي الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى في نوفمبر 2020، هجمات من القوات الإثيوبية وميليشيات تدعمها، إلا أن هذه المرة سقط العديد من القتلى في الجيش السوداني.

وتصاعدت التوترات نهاية العام الماضي بعد أن نشر السودان قواته في الفشقة، وطرد مزارعين إثيوبيين وميليشيات من المنطقة.

وبحسب الجيش السوداني قتل ما لا يقل عن 105 جنديا سودانيا في اشتباكات مع القوات والميليشيات الإثيوبية من نوفمبر 2020 وحتى نوفمبر 2021.

 

اعتراف منقوص

تشير الوقائع التاريخية بأن إثيوبيا وعلى مر العقود ووفق الوثائق قبلت بالحدود المرسومة مع السودان، لكنها ولأسباب سياسية تعلن أنها لا تقبل بالترسيم الذي قام البريطانيون، لأنها لم توافق عليه بحسب وصفها؛ لكن عندما تأتي على طاولة المفاوضات كما حدث في الستينيات القرن الماضي، تحل القضايا السياسية وتقر بالحدود المرسومة.

وآخر اعتراف رسمي جاء على لسان رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق هيلي مريام ديسالين، وهو يقر بما تشهد وتقف عليه تثبته الوثائق التاريخية أمام البرلمان الإثيوبي ودون اعتراض من أحد.

الرائد غوين

ترسيم الحدود في عام 1902

وتشير وثيقة وقعها الملك منليك مع مندوب بريطانيا مستر هارنغتون وأعدها الرائد غوين، إلى أحقية السودان بأرض الشفقة بحسب الخريطة التي اعتمدها الطرفان، وتظهر الخريطة بنسختها الإنجليزية والأمهرية الإثيوبية سودانية الشفقة.

اتفاقية 1902
الملك منليك

كما تظهر الوثائق توقيع منيلك وهارنغتون على اتفاق ترسيم الحدود العام 1902.

وفي العام 1903 تم وضع العلامات الحدودية بواسطة الرائد غوين بموافقة وتكليف من منليك وممثل بريطانيا بمشاركة القادة المحليين الإثيوبيين في تلك المناطق، وهذه الوثيقة تظهر مشاركة الإثيوبيين في وضع العلامات والتوقيع على ترسيم الحدود.

صف العلامات الحدودية 1903
خريطة اتفاق 1902 تظهر تبعية الشفقة للسودان

اتفاق احترام الحدود عام 1972

ولم يطرأ أي تعديل على الخطوط التي وضعها الرائد غوين إلى عام 1972، حيث قامت الحكومة السودانية عقب توقيعها اتفاق السلام مع المتمردين في جنوب السودان بأديس أبابا، بالموافقة على التغييرات التي حدثت على الحدود مع الطرف الإثيوبي، والتي أصبحت على إثرها تمر الحدود عبر قمة اربعة جبال بعد أن كانت جميعها في الاراضي السودانية، ورأى الوفد السوداني بموافقة الحكومة أنه لا بأس لتعضيد العلاقة.

بيان 1972

لجنة الحدود الفنية المشتركة

إلى ذلك، على إثر صراعات دامية بين الشرطة السودانية والميليشيات المسلحة التي كانت منتشرة في المناطق الحدودية، قرر الطرفان عام 2010 تشكيل لجنة حدودية مشتركة اجتمعت واعتمدت في تقريرها الحدود، وأوصت بضرورة العمل إكمال تحديد العلامات التي وضعها الرائد غوين 1903، وربما تكون قد أخفتها الطبيعة مع الزمن وجاء في البيان المشترك تأكيد أن أغلب العلامات تم تحديدها.

بيان اللجنة الفنية المشتركة 2010
إقرار حكومي إثيوبي

وفي ذات السياق، تأتي اعترافات رئيس الوزراء السابق هيلي مريم دسالين أمام البرلمان لتكلل الوثائق التي تم استعراضها، وتؤكد حق السودان بالأراضي الحدودية، وليس هذا وحسب، وإنما تشير إلى الدور الخطير التي تقوم به الميليشيات واعتدائها المتواصل على المدنيين السودانيين.

ففي مقطع فيديو يعود لعام عام 2013 قال هيلي :” مجموعات الشفتة التي تتحرك من الأراضي الإثيوبية باتجاه السودان تقوم بقتل المدنيين السودانيين، ولولا أن العلاقات الودية قوية مع السودان لنشب صراع محتدم معها”

كما أضاف بأنهم قد طلبوا من السودان القيام بعملية الترسيم على أن لا يمنعوا المزارعين ورجال الأعمال الإثيوبيين الذين يستفيدون من تلك المناطق و تعهدوا بهذا وظل مزارعينا يتحركون بصورة سلمية .

وفي فيديو آخر له أقر بالاتفاقات الدولية التي تم توقيعها منذ عام 1902، وأوضح أنه لا يوجد اتفاقيات جديدة لترسيم الحدود، الأمر الذي يؤكد بقاء الخطوط الحدودية على ما كانت عليه دون أي تغيير فيها.