رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

حصاد ميزانية الكويت في عام 2021

نشر
الأمصار

شهد عام 2021 العديد من التقارير والأبحاث التي تناولت ميزانية الكويت، سواء للعام المُنصرم أو العام المُقبل، حيث بات الحديث عن عجز الموازنة أساسيًا لدى غالبية الاقتصاديين.

ورغم أن العام الماضي “2020”شهد انخفاضًا ملحوظًا في أسعار النفط العالمية إلا أن ميزانية الكويت كانت من بين الأفضل في منطقة الخليج، حيث بلغ سعر التعادل بالميزانية الكويتية 64.5 دولار كثاني أفضل سعر تعادل خليجيًا بعد قطر.

ومع امتصاص التداعيات السلبية لجائحة كورونا في مطلع عام 2021 وبدء عملية التسريع في تلقي اللقاحات، انعكس الأمر إيجابيًا على الواقع الاقتصادي العالمي ومن ثم تفاعلت أسعار النفط مع التطورات وأخذت في الصعود بشكل لافت خلال العام وهو ما حسن كثيرًا من وضع موازنة الكويت.

وأعلنت وزارة المالية في منتصف العام، عن تحقيق وفر مالي في ميزانية الكويت خلال الأربع سنوات الأخيرة بمبلغ إجمالي قدره 3.8 مليار دينار؛ وذلك منذ السنة المالية 2018/2017 وحتى السنة المالية 2020/2021، موضحة بأن بند الإنفاق الرأسمال في الميزانية الأخيرة كان الأعلى وفراً ليصل إلى 2.3 مليار دينار في حين بلغ المصروف الفعل والالتزام نحو 1.3 مليار دينار.

في النصف الثاني من عام 2021، كانت التوقعات إيجابية للاقتصاد الكويتي خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار النفط وتسارع وتيرة التطعيم وفتح السفر للمواطنين بالتزامن مع قوة الدينار مقابل الدولار وخفض فاتورة الواردات إلى جانب تمكن السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي في تخفيف حدة تداعيات الجائحة.

لكن، بيان وزارة المالية في مطلع أغسطس الماضي جاء محملًا بتسجيل الكويت لأكبر عجز في تاريخها بقيمة 10.8 مليار دينار، إلا أن البيان عزا ذلك إلى أن السنة المالية التي بدأت في أول أبريل 2020 وانتهت في 31 مارس 2021 شهدت أوج أزمة كورونا وتزايد الإصابات بالفيروس والتي تبعها مرحلة إقفال النشاط وهبوط النفط وهو ما أثر على جانب الإيرادات وزاد من جانب النفقات وخاصة على الجانب الصحي.

الإعلان عن العجز الكبير في العام المالي 2021/2020 لم يمنع شركات الأبحاث والمؤسسات الدولية من إبداء نظرة تفاؤلية تجاه الاقتصاد الكويتي والموازنة العامة للبلاد؛ حيث توقعت شركة الشال للاستشارات أن يتقلص العجز المالي في الموازنة إلى 2.8 مليار دينار في العام المالي 2022/2021 خاصة مع ارتفاع أسعار النفط الكويتي إلى 83 دولار للبرميل في أكتوبر الماضي وهو أعلى بنحو 38 دولارًا عن السعر المُقدر للبرميل في الموازنة الحالية والبالغ 45 دولارًا للبرميل.

بيانات وزارة المالية الصادرة في أواخر نوفمبر الماضي، أوضحت أن عجز موازنة الكويت تراجع بنسبة 68% بواقع 2.6 مليار دينار خلال الـ 7 أشهر المنتهية في أكتوبر 2021؛ لتسجل الموازنة عجزًا بقيمة 1.24 مليار دينار بنهاية الشهر مقارنة بعجز قدره 3.83 مليار دينار في أكتوبر من عام 2020.

وأثنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني على أداء الكويت خلال أزمة كورونا وتعامل الحكومة مع الوضع الراهن، سواء على صعيد الإجراءات الاحترازية أو استعادة عافية النشاط الاقتصادي في البلاد؛ حيث توقعت الوكالة أن يُعزز الاقتصاد الكويتي نموه من 0.9% في عام 2021 إلى نحو 5% في عام 2022، غير أن الوكالة أشارت إلى أن هذا الانتعاش الذي يعقب مرحلة تداعيات وباء كورونا وما بعدها سيكون أضعف مما ستحققه معظم الاقتصادات النظيرة للاقتصاد الكويتي.

وقبل أيام قليل على نهاية عام 2021 وبداية عام 2022، سجل الموازنة الكويتية تراجعاً في العجز بنسبة 84% بما قيمته 4 مليارات دينار في أول 8 أشهر من موازنة العام الحالي الذي سينتهي في 31 مارس 2022؛ ليبلغ عجز الموازنة بنهاية نوفمبر الماضي نحو 775.39 مليون دينار مقارنة مع 4.78 مليار دينار في الفترة نفسها من عام 2020.

أكثر ما يواجه الاقتصاد العالمي بشكل عام، والاقتصاد الكويتي على وجه الخصوص، في الأشواط الأخيرة من عام 2021 وبداية عام 2022 هو ذلك المتحور المنبثق عن فيروس كورونا والمُسمى “أوميكرون”؛ وهو سلالة يراها خبراء الصحة بداية لسلسلة متحورات جديدة أكثر فتكاً من سابقتها؛ الأمر الذي يضع الاقتصاد بشكل عام تحت ضغوط كبيرة خاصة مع تزايد المخاوف من تفشي الأوبئة واحتمال عودة إقفال النشاط وهبوط النفط عالميًا مما يجعل باب زيادة عجز الموازنة مفتوحًا من جديد.