رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

السودان بين الاستقرار والتغير.. وقوى إعلان الحرية تلعب في رسم الخريطة مجددًا

نشر
السودان
السودان

حوى الاعلان المنتظر طرحه دمج قوات الدعم السريع ومنسوبي الحركات المسلحة في القوات المسلحة السودانية لبناء جيش وطني موحد، تقليص عدد أعضاء المجلس السيادي إلى ستة أفراد مع احتفاظ منسوبي حركات الكفاح المسلح بمقاعدهم إعادة هيكلة لجنة تفكيك التمكين مع منح الفريق البرهان لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك كامل الصلاحيات لتشكيل حكومته كل ذلك مع الالتزام بالوثيقة الدستورية وسلام جوبا، أدناه أهم ما ورد في المسودة المسربة للإعلان السياسي الجديد والتي بدورها طرحت الأسئلة حول من هم الذين وراءه وما مدى تأثيره في عملية تحقيق الاستقرار في البلاد.

مسودة اتفاق
في الإجابة عن سؤال من وبحسب ما رشح فإن أحزاب في قوى إعلان الحرية والتغيير هي من سلمت رئيس الوزراء مسودة الاتفاق المنتظر للموافقة عليه من قبل رئيس الوزراء وبحسب مصادر فإن أصحاب الإعلان السياسي مجموعة من الأحزاب الاتحادية والقيادي بالحزب الجمهوري حيدر الصافي وممثل لحركة حق وبحسب المصادر فإن الترتيب لهذه الوثيقة تم في منزل رئيس حزب الأمة القومي المكلف الفريق برمة ناصر والذي تعارض فئات كبيرة داخل الحزب تحركاته في الاتجاه الداعم لمسار الانقلاب كما أن عمليات الصياغة القانونية للاتفاق تمت بواسطة المحامي نبيل أديب في وقت سربت فيه المصادر أن هذا الأمر يتم بتنسيق تام مع مكتب رئيس الوزراء والمكون العسكري وذلك في سياق البحث عن معالجة لتداعيات انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر وهي خطوات تجد دعماً من المجتمع الدولي المتمسك بفرضية إنجاز التحول المدني وإيجاد حاضنة مدنية.

يسمي رئيس حزب المؤتمر السوداني المنضوي تحت لواء المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير عمر الدقير ما تم بإعلان الهروب للأمام من صناع الانقلاب ومن اتفاق 21 نوفمبر والذي بدا وكأنه امتداد للانقلاب ومحاولة لشرعنته وهو أمر يجد مقاومة ورفضاً منقطع النظير من جموع الشعب السوداني يردف الدقير في ذات السياق، تسّربت مساء أمس عبر الوسائط الإعلامية نسخة من إعلان سياسي أعدته قوى سياسية “لم تفصح عن نفسها للرأي العام”! .. نؤكد أن المجلس المركزي للحرية والتغيير ليس طرفاً في هذا الإعلان مجهول النسب ولا علاقة له به.

وكون هذا الإعلان حوى بعض مطالب قوى الثورة فذلك لا يمنحه مقبوليةً عندها، لأن أي إعلان أو ميثاق سياسي يبقى رهيناً للإرادة التي أفرزته والبيئة التي وُلِد فيها والإطار القانوني الذي يحكمه .. وتبعاً لذلك فإن هذا الإعلان لا قيمة له، مهما كان محتواه، إذ إنه لا يرفض انقلاب ٢٥ أكتوبر – بل يعترف به ضمنياً – ويستند على اتفاق ٢١ نوفمبر المؤسّس على قرارات الانقلاب، وذلك ما ينسف كل ما جاء في هذا الإعلان ويحبسه في المسافة بين زهو الشعارات الرنانة والقدرة على الفعل، ويضعه تحت عنوان “الهروب إلى الأمام” ومحاولة تسويق القبول بالأمر الواقع.

بالنسبة لعدد من المراقبين فإن ما احتوى عليه الإعلان وخصوصاً النقطة المتعلقة بهيكلة القوات المسلحة فهو أمر يتماهى مع الرؤية الأمريكية للمشهد السوداني حيث إنه لا يستقيم إنجاز تحول ديمقراطي في السودان دون وجود جيش موحد وهو المطلب الذي استجابت له الوثيقة المقترحة وهو أمر يقرأه البعض في مشهد إعادة رسم الخارطة السياسية في سودان ما بعد ديسمبر وذلك من خلال السعي لتفكيك سيطرة المنظومة العسكرية على الواقع السياسي.

أصحاب هذا الاتجاه يعضدون لتحليلهم من خلال ارتفاع النبرة المطالبة بالمدنية على مستوى الشارع وهو النبرة المعززة لرفض وجود العسكر في السلطة السياسية ما يعني أنه حتى ما يجري في الشارع الآن ليس عمليات تلقائية وإنما عمليات محسوبة بدقة في اتجاه تحقيق الهدف النهائي للانتقال المدني في السودان وبناء نظام جديد يخالف الأنظمة السابقة في البلاد وهو الأمر الذي يؤكد على أن الإعلان المقترح الآن وبشكله الراهن يجد دعماً من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تقوم بممارسة ضغوط عبر الكونغرس الذي لوح بإمكانية فرض عقوبات فردية على من يعطلون الانتقال الديمقراطي في السودان وهي ضغوط تستهدف بشكل أساسي جنرالات الجيش وربما الدعم السريع.

لكن ماذا عن الموقف من الإعلان في الشارع المحتقن والذي يسير مواكبه الرافضة للانقلاب بشكل شبه يومي وعملية رفض الانقلاب ترفض في المقابل كل المترتبات عليه انطلاقاً من اتفاق حمدوك البرهان حيث إن معظم المواكب ما بعد 21 نوفمبر كانت تعلن رفضها للاتفاق وترى فيه مجرد شرعنة للانقلاب العسكري وأن حمدوك تحول بموجبه إلى مجرد سكرتير للمجلس العسكري وبالتالي يجب أن يسقط معه خصوصاً وأن الأخير فقد الكثير من شعبيته على مستوى الشارع مما دفع بالقوى الخارجية التي رحبت بالاتفاق في بدايته لاعتباره في آخر المطاف مجرد خطوة في استعادة الحكم المدني وليست الخطوة الحاسمة فيه وهو الموقف الذي جاء كردة فعل لما تم في الشوارع من رفض ومن التزام من قبل قوى الشارع ممثلة في لجان المقاومة بالتحول المدني ومواجهة الانقلاب سواء كان ذلك بوجود حمدوك أو بعدمه فإن وصول الأخير إلى مجلس الوزراء ومباشرة مهامه لم يغير من الصورة الأولى شيئاً ولم يجعل فكرة أن البلاد محكومة بواسطة العسكر تتزحزح عن ما يطلبه الشارع .

أعتقد إن المضي من قبل القوى السياسية في اتجاه إيجاد تسوية سياسية لمعالجة الأوضاع خطوة مطلوبة لجهة أن وظيفة السياسة هي معالجة المشكلات والتقليل من مترتباتها السلبية بشكل عام لكن ومع خصوصية وضع السودان وبالقراءة من دفتر الإعلان السياسي المسرب فإن كتابة إعلان والتوقيع عليه ليس كافياً لصناعة الاستقرار.. الطريق الوحيد للاستقرار هو تنفيذ المتوافق عليه وهو أمر لا يمكن تحصيله ما لم يجد الإعلان مثار الجدل إجماعاً وقبولاً من فئات كبيرة وفي الحالة السودانية فإن المعيار للاستدامة هو مواقفة قوى الثورة الحية وتحديداً الفئات الشبابية.

ويكمل سليمان أن ما جعل الوثيقة الدستورية تستمر حتى الانقلاب عليها كانت هو موافقة الشارع الذي قال إنه حتى الموافقة كانت هي موافقة المضطر وهي موافقة غير موجودة الآن بل الشارع يقف في نقيضها تماماً بشعاراته المسبوقة بلاءاته المعلنة وبالتالي فإن الإعلان المقترح بطريقته هذه لن يغير من المشهد شيئاً إن لم يزده تعقيداً.