رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

طائرات الدورن.. سلاح المليشيا الذي يُهدد أمن العراق والشرق الأوسط

نشر
الأمصار

فتح حادث محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الباب أمام تساؤلات عديدة حول وجود طائرات بدون طيار درون، كبطاقة جامحة جديدة قاتلة في الشرق الأوسط.

درون.. طائرة مسيرة هوائية

وكان سلاح العملية هو طائرة مسيرة هوائية، وهي ضمن أنواع يمكن شراءها عبر مواقع الانترنت مقابل مبالغ زهيدة، وتضمن الطائرة 4 مروحيات تشبه الطيارة الهليكوبتر، وتضم أيضًا بطارية كبيرة الحجم، وقنبلة صغيرة مدمجة لكنها قوية تستطيع أن تفجر سيارة.

وعلقت الحكومة العراقية على الحادثة، بأن إحدى الطائرتين بدون طيار، ربما تم تحويل شكلها فنية من قبل خبراء محلين لتحمل قنابل، استهدفتا المقر الرسمي لرئيس الوزراء العراقي في يوم 7 نوفمبر الماضي من العام الجاري، فيما أشير إلى أن الهجوم شنته الميليشيات العراقية مدعومة من إيران، بينما كانت القنبلة ذات تصميم إيراني.

درون

ولكن فسر المسؤولون العراقيون عملية الاغتيال، بأنها من تخطيط الميليشيات الخاصة التي أصبحت الآن مسلحة بطائرات درون بدون طيار، ولديها الجرأة على تنفيذ ضربات ذات تأثير خطيريهدد سلامة البلاد.

ينما أكد أكثر من مصدر، أنها قامت بتنفيذ العملية دون أخذ موافقة إيران، وهذا ما يفسر سرعة زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إلى بغداد، إسماعيل قاأني، والذي أكد عدم علم إيران بهذا الهجوم، وأيضا بيان الإدانة الذي أصدرته الحكومة الإيرانية للهجوم الذي تعرض له الكاظمي.

ووصف مسؤولو المخابرات عملية الاغتيال الفاشلة، التي قامت الشهر الماضي، بأنها تهديد متزايد للاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكدين أن انتشار الطائرات بدون طيار، الدرون الهجومية، لاسيما بين الجماعات شبه العسكرية التي لها علاقات قوية مع إيران.

أساطيل جديدة من الطائرات الدرون

يذكر أنه في العامين الماضين، استحوذت المليشيات الموالية لإيران على أساطيل جديدة من الطائرات بدون طيار، القادرة على شن ضربات صغيرة الحجم، ولكن لديها إمكانيات عالية الدقة، وأيضا حصلوا على حزمة من الملعومات الاستخبارية الأهداف عسكرية ومدنية وتحداثيات لمواقع دبلوماسية.

الطائرة المسيرة درون

وأكد أحد مسؤولو المخابرات الغربية، أن المسلحين في العراق وسوريا قد حصلوا على عشرات من الطائرات بدون طيار، الجديدة بدء من النماذج الإيرانية المتطورة القادرة على الطيران لمسافات طويلة، إلى الطائرات بدون طيار.

بينما قال مسؤولون: إن إيران بدأت بشكل مباشر في تزويد ما لا يقل عن نوعين من الطائرات بدون طيار لحلفائها من الميليشيات في العراق، بعد وقت قصير من اغتيال إدارة ترامب الميجور جنرال قاسم سليماني، قائد فرقة النخبة في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، الذي قُتل في غارة جوية بطائرة مسيرة أمريكية خارج مطار بغداد أوائل عام 2020.

طائرات مسيرة قاتلة للمتمردين

وجاء تسليح الميليشيات العراقية في أعقاب قرارات سابقة اتخذتها طهران، لتوفير طائرات مسيرة قاتلة للمتمردين الحوثيين في اليمن ومقاتلي حزب الله في لبنان.

كما قال فيلق القدس، الذي يدعم شبكة الميليشيات الأجنبية الإيرانية، بـ أنظمة تشغيل محوسبة للطائرات، وتدريب المسلحين على كيفية تعديل الطائرات بدون طيار التجارية للاستخدام العسكري، وفقا لمسؤولي المخابرات الغربية.

العراق درون

ويقول بعض المحللين السياسيين: إن بعد تزويد حلفائها من الميليشيات بطائرات مسيرة وخبرة، يبدو أن طهران تفقد قبضتها على كيفية استخدام الطائرات.

بينما قال مسؤولون العراقيون: أن الانضباط العسكري داخل شبكة الميليشيات الشيعة الإيرانية في العراق تدهور منذ مقتل سليماني، الذي كان يحظى باحترام الجماعات والعمليات المسلحة التي تسيطر عليها بشدة، متابعين بأن انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار تزامن مع تراجع شعبية الميليشيات داخل العراق، وهو تغيير في الثروة أدى إلي نزاع مفتوح مع الحكومة العراقية، فضلاً عن الغضب الهادئ من القيود التي فرضها داعموها الإيرانيون.

وقال مايكل نايتس، المحلل العسكري ومحرر مدونة ميليشيا سبوتلايت، التي تتعقب نشاط المسلحين والدعاية في العراق وسوريا: “بمجرد أن تصبح هذه الطائرات متاحة للعامة، فمن الصعب التحكم في كيفية استخدامها في عمليات القتل أو التفجير”.

إيران درون

وأضاف نايتس، أن هناك حوالي 3000 جندي أمريكي في العراق، وكان أفراد الخدمة والدبلوماسيون الأمريكيون من بين أهداف ضربات الميليشيات بطائرات بدون طيار في الأشهر الأخيرة، ما أثار مخاوف بشأن احتمال وقوع هجوم مميت يمكن أن يؤدي إلى أزمة عسكرية مع إيران.

واختتم نايتس حديثه قائلا: “يمكن أن تكون هناك عواقب هجوم مميت على مسؤولي الحكومة العراقية بنفس القدر من الخطورة المحاولة ضد الكاظمي، لو نجحت، كان من الممكن أن تغرق العراق في حالة من الفوضى، وتشعل صدامات جديدة بين الطوائف العرقية والدينية في البلاد، في أي من السيناريوهين، قد تجد إيران نفسها تواجه اللوم في أزمة لم تعجلها بنشاط”.

بينما قال ماثيو ليفيت، محلل مكافحة الإرهاب السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الخزانة: “بعض المليشيات الموالية لإيران، بصراحة لم تعد ترى نفسها بعد الآن على أنها وكلاء إيرانيون بالدرجة الأولى، ولكن بصفتها جهات فاعلة مستقلة لا تحتاج إلى إذن من أي شخص للقيام بما تريد، وهنا لابد التاكيد أن إيران والحرس الثوري لم يكن على علم بما تقوم به مليشياتهم في لعراق”.

ووفقًا لما أعلنه مستشار الأمن القومي العراقي “قاسم الأعرجي”، فأن هجوم 7 نوفمبر شمل طائرتين بدون طيار انقضت على منزل رئيس الوزراء الكاظمي بعد الساعة 2 صباحًا، ولكن ربما تحطمت إحدى الطائرات بدون طيار أو تم إسقاطها.

درون

بينما دمرت عبوة ناسفة صغيرة سيارة مصفحة التي يستخدمها الكاظمي، وتسبب الهجوم في أضرار كثيرة بالجزء الخارجي من المبنى الواقع في المنطقة الخضراء شديدة الأمان في بغداد، أما الإصابات البشرية أصيب ما لايقل عن 6 من حراس الأمن بإصابات لا تشكل خطورة على حياتهم، وسرعان ما استعادت الشرطة الطائرة التي تم إسقاطها بأربعة دوارات مميزة.

وفي الأيام الماضية، حدد المسؤولون العراقيون الجناة المحتملين على أنهم عملاء مرتبطون بثلاث ميليشيات شيعية قوية ومعروفة: قائلين أن عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء، ويحظى الثلاثة بدعم إيراني رغم أن علاقات عصائب أهل الحق بطهران تعرضت للتوتر، ومن بين قادة الجماعات العديد من منتقدي الكاظمي الصريحين الذين وجهوا تهديدات مبطنة لرئيس الوزراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

هجمات بطائرات مسيرة ضد القوات الأمريكية

وشن مسلحون ما لا يقل عن ست هجمات بطائرات مسيرة ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف بالعراق في يناير الماضي، وفي أبريل الماضي، هاجمت طائرة مسيرة مسلحة بالمتفجرات مبنى مقر التحالف في مدينة أربيل شمال العراق.

وفي 5 يوليو، أسقطت القوات الأمريكية طائرة بدون طيار من طراز “كوادكوبتر” مطابقة تقريبًا لتلك المستخدمة في 7 نوفمبر بالقرب من السفارة الأمريكية في بغداد.

وبعد ثلاثة أسابيع، تم اكتشاف طائرة بدون طيار أخرى من نفس النوع على سطح مبنى عبر نهر دجلة مباشرة من السفارة، في جميع العمليات الماضية كانت القنابل الملحقة بالطائرات بدون طيار مماثلة لتلك المستخدمة في الهجوم على الكاظمي.

ووفقًا لميليشيا سبوتلايت ، التي قالت إن الطائرات بدون طيار نفسها تتميز بأنظمة طاقة واتصالات مطورة “تشير إلى فريق هندسي موهوب”.

وقال دوجلاس باري، المحلل في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومقره بريطانيا، إن المتفجرات بشكل عام أصغر من أن تلحق أضرارًا كبيرة، حتى الطائرات التجارية الصغيرة أو الطائرات بدون طيار “الهوائية” إذا تمت تحديثها وتسليحها بقنابل محلية الصنع فإنها قادرة على القتل أو الإصابة.

وقال إن الطائرة التي استخدمت في 7 نوفمبر كانت نموذجية للطائرات بدون طيار المستخدمة في الضربات الخام لكنها فعالة في اتجاه واحد من طراز “كاميكازي”.