رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

تحديات ومواجهات محلية ودولية لدعم التعليم في موريتانيا

نشر
تحديات التعليم في
تحديات التعليم في موريتانيا

أجرى وزير الشؤون الاقتصادية وترقية القطاعات الإنتاجية فى موريتانيا، أوسمان ممادو كان، مباحثات مع بعثة من البنك الدولي،  لبحث مختلف أوجه التعاون بين موريتانيا والبنك الدولي في مجال التعليم.

.وجاءت  هذه المباحثات قبل يوم من عقد قادة دول الساحل الخمس قمة مع البنك الدولي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، لمناقشة التحديات المطروحة أمام التعليم في المنطقة التي تعيش وضعًا أمنيًا استثنائيًا، وظروفًا اقتصادية واجتماعية صعبة.

قمة نواكشوط حول التعليم
قمة نواكشوط حول التعليم

قمة نواكشوط حول التعليم

وانطلقت اليوم الأحد بقصر المؤتمرات في موريتانيا أعمال قمة نواكشوط حول التعليم في الساحل، برئاسة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وبمشاركة عدة دول ومنها النيجر، جمهورية مالي، جمهورية تشاد، وجمهورية بوركينافاسو، رئيس البنك الدولي بمنطقة غرب ووسط إفريقيا.

وتهدف القمة التي تنعقد تحت شعار: “مستقبل الساحل يتأسس في المدرسة اليوم”، إلى حشد الدعم المالي والسياسي لتنفيذ الإصلاحات والاستثمارات اللازمة لتحسين نوعية التعليم في منطقة الساحل، التي تواجه جملة من التحديات تحول دونها عن توفير تعليم شامل لأطفالها وبنوعية جيدة.

وتعمل القمة على رسم خارطة طريق لتحسين الاستثمار في مجال التعليم الابتدائي على مستوى منطقة الساحل خلال السنوات العشر المقبلة.

التعليم في موريتانيا
التعليم في موريتانيا

مشاكل المنظومة التعليمية 

في أكتوبر/ تشرين الأول انطلق الموسم الدراسي الجديد في موريتانيا، حيث تعقد الآمال على تحقيق نسب نجاح أفضل من تلك التي شهدتها السنوات الماضية.

ولم تتجاوز نسبة النجاح في امتحانات البكالوريا في موريتانيا 8 في المائة من مجموع التلاميذ الذين اجتازوا الاختبارات في ختام الموسم الدراسي الماضي. وبلغ عدد الناجحين في الباكالوريا في خمس شعب 3742 تلميذا فقط، كما تغيب عن الامتحان 2237 تلميذًا، وهو ما يمثل نسبة 5 في المائة.

وينطلق الموسم الدراسي الجديد، وسط تحديات كثيرة تواجه التعليم في البلاد، زادت من حدتها تداعيات جائحة كورونا، التي لا تزال تراهن هذا القطاع الحيوي.

التعليم في موريتانيا
التعليم في موريتانيا

تدني الرواتب وضعف البنيات

من أبرز التحديات التي تواجه التعليم في موريتانيا، تتمثل في تدني الرواتب، وضعف البنيات التحتية، بالإضافة الى الاكتظاظ الذي تعاني منه العديد من المؤسسات التعليمية، بما في ذلك في العاصمة نواكشوط، حيث تتجاوز أعداد التلاميذ في بعض الأقسام 100 تلميذ.

ويرى أعضاء نقابة التعليم الثانوي المستقل أن البنيات التحتية للمدارس مهترئة وغير مهيأة لاستقبال أعداد كبيرة من التلاميذ، بالإضافة إلى الإضرابات المتكررة للمدرسين في الإعداديات والثانويات، مشيرا إلى أنه لم يتم التجاوب مع المطالب التي كانت ترفع خلال العام الماضي، كما كانت الدولة تتحجج بمشاكل كورونا والضغط.

من جهة أخرى وعلاقة بتدني نسب النجاح في الباكالوريا يقول الأعضاء إن “هناك مشاكل بنيوية في النظام التعليمي الموريتاني، وإذا لم تحل، فإن نسب النجاح في الباكلوريا ستبقى متدنية”.

اللغة الأجنبية 

لم يكن للغة العربية أي حضور في التعليم الرسمي بموريتانيا طوال الحقبة الاستعمارية. وفي أعوام 1956 و1957 و1958 اشتد عود الحركة الطلابية الداعية إلى دمج مواد عربية جديدة في التعليم، وفي السنة الدراسية لعام 1966 أي بعد الاستقلال بسنتين، قررت الدولة زيادة مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية، فحررت مجموعة من طلاب القومية الأفريقية، بينهم أعضاء في الحكومة، رسالة احتجاج شديدة اللهجة وجهتها لرئيس الجمهورية آنذاك المختار ولد داداه، وطالبته بالتراجع عن هذا القرار الذي اعتبرته استهدافاً عنصرياً موجهاً للشريحة الأفريقية

ويقول الأكاديميون المتخصصون في التاريخ إن اختلاف رؤيتي عرب موريتانيا وأفارقتها هو الخطر الاستراتيجي الذي يظل يهدد انسجام المجتمع الموريتاني، لأنه تسبب في صراع قومي دموي تمثل في أحداث 1966 التي شملت مدن انواذيبو وكيهيدي والزويرات، ومدنًا أخرى، وعبروا عن اختلاف واضح في رؤية المجموعتين العربية والأفريقية لمشروع التعليم المستقبلي للدولة الناشئة.

في عام 1967 تم التركيز على نظام الازدواجية لكن زادت جرعة اللغة العربية، ثم كان إصلاح 1973 الذي يعتبر الأهم والأشمل، لأنه حل مشكل الصراع القومي القائم على خلفية التعليم من خلال تبني نظام الازدواجية، وفي إطار بنوده يتم تدريس جميع المواد العلمية باللغة الفرنسية ونظيرتها الأدبية باللغة العربية، كما يُلزم جميع الطلاب بدرس اللغتين على السواء. 

بعد انقلاب 1978 الذي أطاح نظام المختار ولد داداه المدني، ألقى السياسيون الموريتانيون إصلاح 1973 وراء ظهورهم، وأصبحت كل مجموعة عرقية تتبنى منهجها، إذ طالبت المجموعة العربية بالتعريب الشامل، بحيث لا يكون للازدواجية مكان، بينما تمترست المجموعة الأفريقية وراء المطالبة بإصلاح ينطلق من “الفرانكفونية”، ومن هنا غيّر السياسيون الموريتانيون بوصلة التعليم بتحويله من ملف علمي يعالج بطرق ومناهج فنية إلى ملف سياسي.

محاولات إصلاح 

في عام 1999، وفي عهد الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع، تشكل شبه إجماع وطني على ضرورة إصلاح تعليمي يوحد المجتمع و يستجيب لضرورات التنمية، فقررت الدولة بالتعاون مع الخبراء والمدرسين إصلاح 1999، الذي تم بموجبه توحيد المناهج والمواد، بحيث تدرس جميع المواد العلمية بالفرنسية، كما تدرس نظيرتها الأدبية بالعربية، مع إلزام الجميع بدرس اللغتين العربية والفرنسية.

فيما صرح الرئيس الحالي، محمد ولد الغزواني بأن التعليم في موريتانيا مفتاح التنمية، وأنه أولوية قصوى في برنامجه، وانطلاقاً من هذا التعهد ينتظر الموريتانيون بفارغ الصبر منتديات التعليم التي ستنظم قريباً، ويشارك فيها إلى جانب السلطات الرسمية الفاعلون من خبراء تعليم ومدرسين وأحزاب سياسية ونقابات وآباء التلاميذ، وغير هؤلاء من المعنيين بالشأن التربوي. ومن المؤكد أن إصلاح 1999 الذي تحدثنا عنه محتفظ به لأنه صمام الوحدة الوطنية ومحل إجماع، غير أن المنتديات المزمعة ستراجع ما فيه من نواقص، وتضيف إليه ما يحتاجه من ضروريات.

دراسات بحثية للتطوير 

أعدت اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم في موريتانيا، في نوفمبر/ تشرين الثاني دراسة تحليلية حول العوامل المؤثرة في مخرجات التعليم الأساسي بموريتانيا، بإشراف خبراء وطنيين ودوليين.

وحسب الأمين العام للجنة محمد ولد سيدي عبدالله، فإن هذه الدراسة اختبرت «العوامل المؤثرة في مستوى التحصيل الدراسي لتلامذة التعليم الأساسي، وفق منهج تحليلي مكن من ضبط الإطار العام للتحصيل الدراسي على مستوى التعليم الأساسي، وتحليل العوامل الرئيسية المؤثرة في أداء التلاميذ في المرحلة الابتدائية، واستجلاء آراء الفاعلين التربويين والشركاء الرئيسيين، واستنطاق نتائج شهادة ختم الدروس الاساسية، مسابقة دخول السنة الأولى من التعليم الإعدادي”.

وأضاف أن هذه الدراسة «توصلت إلى أن مدرستنا تواجه تحديات جمة في مجال التحصيل الدراسي، وعلى مستوى الجودة التي تتطلبها مرحلة تعد الأساس الذي يقوم عليه الهرم التعليمي بمختلف مستوياته، وأن مرد هذه التحديات يعود إلى تراكم الاختلالات التي عرفها نظامنا التربوي طيلة العقود الماضية».

وتم تسليم الدراسة من طرف وزير الثقافة المختار ولد داهي لوزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليم محمد ماء العينين ولد أييه في حفل مساء أمس الجمعة.