رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أمال ضعيفة بالوصول لاتفاق بين إيران والقوى العالمية حول الملف النووي

نشر
الأمصار

اجتمعت إيران ومجموعة من القوى العالمية الكبرى في فيينا بداية من أول أمس الاثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في أولى جلساتها في محاولة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

واتفق أطراف محادثات فيينا بعد الجلسة الأولى من الجولة السابعة على الاجتماع أمس الثلاثاء، وذلك وفق برنامج عمل، وتحديد مواعيد لجلستين؛ الأولى لرفع العقوبات، والثانية لتطورات البرنامج النووي، وفقاً للمنسق الأوروبي أنريكي مورا.

وقد ازدادت التوترات مؤخرًا في الشرق الأوسط بسبب نوايا إيران في مجال الطاقة النووية.

خصصت إسرائيل 1.5 مليار دولار، لإعداد قواتها المسلحة لشن ضربة محتملة ضد المواقع النووية في البلاد.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها فشلت في التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن تفتيش المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية.

ونفت إيران دائمًا محاولتها تطوير أسلحة نووية وتقول إنها ترحب بالعودة إلى الاتفاق السابق مع القوى العالمية الذي حدَّ من انشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

وجاءت هذه المحادثات بعد توقف دام 5 أشهر، حيث عقدت الجلسة الثانية من الجولة السابعة من المحادثات النووية، أمس الثلاثاء، إذ بدأت بعدها اللجان الفنية المتعلّقة برفع العقوبات عن إيران عملها.

وأشار موفد الميادين إلى أن الوفد الأمريكي لا يشارك في عمل اللجان، بل يبقى في فندقه، وأن المبعوث الأوروبي يقوم بإطلاع الجانب الأمريكي على التطورات، في تأكيد على ما قالته الخارجية الإيرانية بأن الوفد الإيراني المشارك في مباحثات فيينا النووية لن يجري محادثات ثنائية مع الوفد الأمريكي.

وقد بحثت الجلسة الثانية، مسألة الضمانات الأمريكية التي تطالب بها إيران”، حيث صرح المبعوث الروسي والمنسّق الأوروبي، ميخائيل أوليانوف، أن “أجواء إيجابية في نهاية اليوم الأول من المفاوضات النووية في فيينا بين إيران والـ”4+1″، وأضاف أنّ “اجتماع اليوم من مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي مع إيران كان ناجحاً إلى حدٍّ بعيدٍ”.

ومن جانبه، علّق البيت الأبيض على ما يجري في فيينا، وقالت المتحدثة باسمه، جين ساكي، إنّ هدف بلادها هو “عودة إيران إلى الالتزام الكامل بشأن الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس السابق باراك أوباما”.

وبحسب موقع “آكسيوس” الأمريكي، فإن توقعات المسؤولين الأميركيين لسير المفاوضات النووية “متدنية”. وأشد ما يخشاه المسؤولون هو “مضي إيران في مسارها الراهن لتطوير برنامجها النووي، ما سيجعل مفاوضات العودة إلى الاتفاق السابق غير مجدية”.

وأردف الموقع أن “مسؤولي إدارة الرئيس بايدن يعوّلون على نيّة الرئيس رئيسي التوصل إلى إبرام اتفاق في المحصلة النهائية، والذي لن يختلف جوهرياً عن سابقه، لكن بصبغة رئيسي بدل روحاني”.

في المقابل، رأت إيران أنه لن يكون هناك أيّ محادثات ثنائية مع الطرف الأميركي. وأكّدت على لسان وزير خارجيتها، حسين أمير عبد اللهيان، أن “على أميركا والدول الأوروبية أن تدرك أنّ المحادثات ليست نافذة مفتوحة إلى الأبد”.

كبير المفاوضين الإيرانيين، علي ‎باقري كني، قال في تصريحاتٍ صحافية الإثنين الماضي: “أجرينا عدداً من الاجتماعات التشاورية الثنائية مع بعض أطراف الاتفاق النووي، وأجرينا محادثات مفيدة مع الوفدين الصيني والروسي”.

 

 

كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني
كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني

وأضاف باقري كني أنّ “إيران تدخل محادثات فيينا بإرادة جدية واستعدادات قوية لرفع العقوبات غير القانونية والظالمة”، موضحاً أنّ “الوفد الإيراني يعكس عزم إيران وجديتها على اتخاذ خطوات جادة لرفع العقوبات غير القانونية والظالمة الأمريكية ضد الشعب الإيراني”.

ويضم فريق التفاوض الإيراني جمعًا من أبرز الخبراء الإيرانيين في مختلف المجالات القانونية والمصرفية والطاقة، الذين يشاركون في هذه الجولة بهدف رفع العقوبات غير القانونية عن إيران.

وتقول وكالة “إيرنا” الإيرانية الرسمية: “من خلال نظرة عابرة إلى التشكيلة الجديدة للفريق الإيراني المفاوض الذي وصل إلى فيينا، سيتضح أنّ الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، عازمة على التفاوض والتوصل إلى اتفاق لضمان مصالح الشعب وإلغاء الحظر الأميركي اللاقانوني، كنقطة البداية للجولة القادمة من هذه المفاوضات”.

واجتمعت الدول الكبرى وإيران في فيينا، الإثنين، في محاولةٍ لإنقاذ الاتفاق النووي المُبرم في العام 2015، ولكن آمال تحقيق انفراج تبدو ضئيلة مع تمسّك طهران بموقفها برفع الحظر.

ويقول دبلوماسيون أميركيون إنّ “الوقت بدأ ينفد أمام مساعي إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018، الأمر الذي أغضب إيران وأفزع الدول الكبرى الأخرى المعنية، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا”.

وعلق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الأربعاء قائلا إن: “فصل الأخلاق عن السياسة، أدى إلى ظهور الرؤوس النووية في العالم”، وجاء ذلك في أثناء جلسة مشتركة للحكومة والبرلمان.

 

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

 

في حين، أوضح رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف قائلا: “نأمل برفع العقوبات من خلال مفاوضات تراعي كرامة الشعب، واتفاق جيد”.

وأضاف المتحدث باسم هيئة الرئاسة في البرلمان، نظام الدين موسوي، قائلا: “الجلسة ركزت على الاقتصاد والشؤون الداخلية.. لا نربط القضايا الاقتصادية والمعيشية للشعب بالمفاوضات” في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني، مشيرا إلى أن “موضوع المفاوضات سوف تتم مناقشته في اجتماعات منفصلة.

الاتفاق النووي الإيراني الأصلي

كان اتفاقاً بين “مجموعة 5 + 1” (هذا اسم يطلق على الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا) وإيران حول البرنامج النووي للبلاد.

وافقت إيران على قبول القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم وتخزينه وإغلاق أو تعديل منشآت في عدة مواقع نووية والسماح بزيارات المفتشين الدوليين لها.

تم الحد من النشاط النووي في منشآت مثل مجمع أراك وفي المقابل، تم رفع العديد من العقوبات المالية الدولية المفروضة على البلاد.

رأت مجموعة 5 + 1 أن الصفقة ستمنع إيران من تطوير القدرة على تطوير أسلحة نووية (نفت إيران رغبتها في القيام بذلك بشكل مطلق، ولكن اتهمتها عدة دول ووكالة الطاقة الذرية الدولية بمحاولة القيام بذلك في الماضي).

وكانت إيران تأمل في أن يؤدي رفع العقوبات إلى تعزيز اقتصادها المتعثر جداً.

بعد سلسلة طويلة من المفاوضات، دخلت الصفقة حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2016.

أسباب فشل الاتفاق القديم

قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إن الصفقة كانت “واحدة من أسوأ وأكثر الصفقات أحادية الجانب التي دخلتها الولايات المتحدة على الإطلاق”

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

 

تم التوقيع على الاتفاق خلال فترة رئاسة باراك أوباما، لكن ترامب كان يقول أنها “أسوأ صفقة رأيتها يتم التفاوض عليها على الإطلاق” حتى قبل فترة طويلة من وصوله إلى البيت الأبيض، وسخر منها مراراً واصفاً إياها بـ”المروعة والمثيرة للسخرية”.

 

وأعرب عن اعتقاده بأن الضوابط المفروضة على أنشطة إيران النووية كانت ضعيفة للغاية، وأنه كان ينبغي أن تتضمن أيضاً قيوداً على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وأن أمد الاتفاق غير طويل بما فيه الكفاية.

 

وعلى غرار ذلك، سحب الرئيس ترامب بلاده من الاتفاق في مايو/ أيار 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران.

 

ومن جانبها، لم تتأخر إيران بالرد على ذلك، حيث بدأت بتخصيب اليورانيوم فوق المستويات المسموح بها بموجب الاتفاق وقلصت تعاونها مع المفتشين الدوليين.

 

وعلى صعيد متصل، فقد نفت وكالة الأنباء تصريحات أوروبية حول الانتهاء من نحو 80% من مسودة الاتفاق النووي مع إيران في فيينا.

وفي تقرير لها، أوضحت “إرنا” أن “المباحثات النووية بين إيران ودول الاتفاق تجري في فيينا، بينما تحاول بعض الأطراف المفاوضة، إلى جانب الولايات المتحدة، التأثير سلبا على سير عملية التفاوض”.

موقف عدة دول من الاتفاق:

  • إيران: لم ترغب إيران في إلغاء الاتفاق قط، لكن الولايات المتحدة خلال فترة رئاسة ترامب فقط، عملت على إفشال الاتفاق.
  • أمريكا: أيد الرئيس بايدن الاتفاق عندما كان نائباً للرئيس أوباما ومعظم مستشاريه الحاليين في الملف الإيراني ساعدوا في التفاوض على شروط الاتفاق في عام 2015.
  • المملكة العربية السعودية: دعمت المملكة، الخصم الإقليمي الرئيسي لإيران، الاتفاق القديم بحذر.
  • إسرائيل: اجتمع وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، مساء أمس الثلاثاء، مع الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، وناقش معه استئناف المباحثات النووية في فيينا مع إيران.

 

وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وبعد انتهاء الاجتماع، قال يائير لابيد: “بعد سنوات عديدة أصبح موقف إسرائيل مسموعا وحازما”، مشددا على أنه “يجب عدم رفع العقوبات عن ايران”.

وأضاف: “يجب تشديد العقوبات، ويجب أن نفرض على إيران تهديدا عسكريا حقيقيا، لأن هذا فقط سيمنعها من الاستمرار في سباق التسلح النووي”.

وفي تطرقه إلى المباحثات النووية مع طهران في العاصمة النمساوية، أوضح لابيد قائلا: “سباق التسلح لن يتوقف هنا، وسباق التسلح لن يتوقف في مباحثات فيينا، سوية مع رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، ومع وزير الدفاع، بيني غانتس، الذي سيسافر إلى واشنطن الأسبوع القادم، وسنستمر بالعمل حتى يفهم العالم التهديد الإيراني بالكامل”.

أولوية إيران هي حمل الولايات المتحدة على رفع عقوباتها عليها، بينما تركز واشنطن على حمل طهران على التوقف عن تخصيب اليورانيوم، كل منهما يريد أن يتحرك الآخر أولاً.